ثم سافرنا منها فبينما نحن بقرب أزغنغان «٩٩» خرج علينا خمسون راجلا وفارسان، وكان معي الحاج بن قريعات الطنجي وأخوه محمد المستشهد بعد ذلك في البحر «١٠٠» ، فعزمنا على قتالهم ورفعنا علما ثمّ سالمونا وسالمناهم، والحمد لله.
ووصلت إلى مدينة تازى «١٠١» وبها تعرفت خبر موت والدتي بالوباء رحمها الله تعالى.
ثم سافرت عن تازى فوصلت يوم الجمعة في أواخر شهر شعبان المكرم من عام خمسين وسبعمائة إلى حضرة فاس فمثلت بين يدي مولانا الاعظم الامام الاكرم أمير المومنين المتوكل على رب العالمين أبي عنان «١٠٢» وصل الله علوّه وكبت عدوه، فأنستني هيبته هيبة سلطان العراق، وحسنه حسن ملك الهند، وحسن اخلاقه حسن خلق ملك اليمن، وشجاعته شجاعة ملك التّرك، وحلمه حلم ملك الروم، وديانته ديانة ملك تركستان، وعلمه علم ملك الجاوة.
وكان بين يديه وزيره الفاضل ذو المكارم الشهيرة والمآثر أبو زيان ابن ودرار «١٠٣» ، فسألني عن الديار المصرية، إذ كان قد وصل اليها، فأجبته عما سأل، وغمرني من إحسان مولانا أيده الله تعالى ما أعجزني شكره، والله وليّ مكافأته.