الأتراك يعظمونه ويحسنون الظن به لانه إمامهم، ومنهم إمام الحنابلة المحدث الفاضل محمد بن عثمان «١٩٣» البغدادي الأصل المكي الولد، وهو نائب القاضي نجم الدين، المحتسب بعد قتل تقي الدين المصري والناس يهابونه لسطوته.
[حكاية [قطع يد السارق]]
كان تقي الدين المصري محتسبا، وكان له دخول فيما يعنيه وفيما لا يعنيه، فاتفق في بعض السنين أن أتى أمير الحاج «١٩٤» بصبيّ من ذوي الدعارة بمكة قد سرق بعض الحجاج فأمر بقطع يده، فقال له تقي الدين: إن لم نقطعها بحضرتك والا غلب أهل مكة خدامك عليه فاستنقذوه منهم وخلّصوه، فأمر بقطع يده في حضرته، فقطعت، وحقدها لتقي الدين، ولم يزل يتربص به الدوائر ولا قدرة له عليه لأن له حسبا من الاميرين رميثة وعطيفة، والحسب عندهم أن يعطى أحدهم هدية من عمامة أو شاشية بمحضر الناس تكون جوارا لمن أعطيته ولا تزول حرمتها معه حتى يريد الرّحلة والتحول عن مكة فأقام تقي الدين بمكة أعواما ثم عزم على الرحلة وودع الاميرين وطاف طواف الوداع وخرج من باب الصّفا فلقيه صاحبه الأقطع، وتشكّى له ضعف حاله وطلب منه ما يستعين به على حاجته، فانتهره تقي الدين وزجره فاستل خنجرا له يعرف عندهم بالجنبيّة وضربه ضربة واحدة كان فيها حتفه.
ومنهم الفقيه الصالح زين الدين الطبري «١٩٥» شقيق نجم الدين المذكور من أهل الفضل والاحسان للمجاورين، ومنهم الفقيه المبارك محمد بن فهد الشرقي من فضلاء مكة وكان ينوب عن القاضي نجم الدين بعد وفاة الفقيه محمد بن عثمان الحنبلي، ومنهم العدل