والمشاهدة للكعبة الشريفة، ويطعم الطعام الكثير في المواسم المعظمة وخصوصا في مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما فإنه يطعم فيه شرفاء مكة وكبراءها وفقراءها وخدام الحرم الشريف وجميع المجاورين، وكان سلطان مصر الملك الناصر رحمه الله يعظمه كثيرا وجميع صدقاته وصدقات أمرائه تجرى على يديه. وولده شهاب الدين فاضل وهو الآن قاضي مكة شرّفها الله.
وخطيب مكة الامام بمقام إبراهيم عليه السلام الفصيح المصقع وحيد عصره بهاء الدين الطبري «١٨٨» وهو أحد الخطباء الذين ليس في المعمور مثلهم بلاغة وحسن بيان، وذكر لي أنه ينشئ لكل جمعة خطبة ثم لا يكررها فيما بعد! وإمام الموسم وإمام المالكية بالحرم الشريف هو الشيخ الفقيه العالم الصالح الخاشع الشهير أبو عبد الله محمد بن الفقيه الصالح الورع أبي زيد عبد الرحمن وهو المشتهر بخليل نفع الله به وأمتع ببقائه، وأهله من بلاد الجريد من إفريقية ويعرفون بها ببني حيّون «١٨٩» وهم من كبارها ومولده ومولد أبيه بمكة شرفها الله وهو أحد الكبار من أهل مكة بل واحدها وقطبها بإجماع الطوائف على ذلك، مستغرق العبادة في جميع أوقاته مستحيي، كريم النفس حسن الأخلاق كثير الشفقة لا يرد من سأله خائبا.
[حكاية مباركة]
رأيت أيام مجاورتي بمكة شرفها الله وأنا إذ ذاك ساكن منها بالمدرسة المظفرية رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما في النوم وهو قاعد بمجلس التدريس من المدرسة المذكورة بجانب الشبّاك الذي تشاهد منه الكعبة الشريفة والناس يبايعونه فكنت أرى الشيخ أبا عبد الله المدعو بخليل قد دخل وقعد القرفصاء بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما وجعل يده في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أبايعك على كذا وكذا وعدّد