وأما صلاة المغرب فإنهم يصلونها في وقت واحد، كل إمام يصلي بطائفته، ويدخل على الناس من ذلك سهو وتخليط، فربّما ركع المالكي بركوع الشافعي وسجد الحنفي بسجود الحنبلي، وتراهم مصيخين كلّ أحد إلى صوت المؤذن الذي يسمع طائفته ليلا يدخل عليه السهو.
[ذكر عادتهم في الخطبة وصلاة الجمعة]
وعادتهم في يوم الجمعة أن يلصق المنبر المبارك إلى صفح الكعبة الشريفة فيما بين الحجر الأسود والركن العراقي ويكون الخطيب مستقبلا المقام الكريم فإذا خرج الخطيب أقبل لا بسا ثوب سواد معتما بعمامة سوداء «٢١٠» ، وعليه طيلسان «٢١١» أسود كل ذلك من كسوة الملك الناصر، وعليه الوقار والسكينة، وهو يتهادى بين رايتين سوداوين، يتمسكهما رجلان من المؤذنين، وبين يديه أحد القومة في يده الفرقعة، وهي عود في طرفه جلد رقيق مفتول ينفضه في الهواء، فيسمع له صوت عال يسمعه من بداخل الحرم وخارجه، فيكون إعلاما بخروج الخطيب «٢١٢» . ولا يزال كذلك إلى أن يقرب من المنبر فيقبل الحجر الأسود، ويدعوا عنده، ثم يقصد المنبر والمؤذّن الزمزمي، وهو رئيس المؤذنين ٢١»
بين يديه لابسا السواد وعلى عاتقه السيف ممسكا له بيد، وتركز الرايتان عن جانبي المنبر فإذا صعد أول درج من درج المنبر قلّده المؤذن السيف فيضرب بنصل السيف ضربة في الدرج يسمع بها الحاضرين، ثم يضرب في الثاني ضربة ثم في الثالث أخرى، فإذا استولى في عليا الدرجات ضرب ضربة رابعة ووقف داعيا بدعاء خفيّ مستقبل الكعبة، ثم يقبل على الناس فيسلم عن يمينه وشماله، ويرد عليه الناس، ثم يقعد ويؤذن المؤذنون في أعلى قبة زمزم في حين واحد فإذا فرغ الآذان خطب الخطيب خطبة يكثر بها من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول في أثنائها: اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد ما طاف بهذا البيت طائف، ويشير بأصبعه إلى البيت الكريم، اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد ما وقف بعرفة واقف، ويرضى عن الخلفاء الأربعة وعن سائر الصحابة، وعن عمّي النبي صلى الله عليه وسلم وسبطيه، وأمهما، وخديجة