للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ سافرنا من مغنيسيّة وبتنا ليلة عند قوم من التركمان قد نزلوا في مرعى لهم ولم نجد عندهم ما نعلف دوابّنا تلك الليلة، وبات أصحابنا يحترسون مداولة بينهم خوف السرقة، فأتت نوبة الفقيه عفيف الدين التّوزري فسمعته يقرأ سورة البقرة «١٠٥» ، فقلت له: إذا أردت النوم فأعلمني لأنظر من يحترس ثم نمت فما أيقظني الّا الصباح، وقد ذهب السرّاق بفرس لي كان يركبه عفيف الدين بسرجه ولجامه وكان من جياد الخيل اشتريته بأيا سلوق.

ثم رحلنا من الغد فوصلنا إلى مدينة برغمة «١٠٦» ، وضبط اسمها بباء موحدة مفتوحة وراء مسكنة وغين معجمة مفتوحة وميم مفتوحة، مدينة خربة لها قلعة عظيمة منيعة بأعلى جبل، ويقال: إن أفلاطون الحكيم من أهل هذه المدينة وداره تشتهر باسمه إلى الآن «١٠٧» ، ونزلنا منها بزاوية فقير من الأحمديّة، ثمّ جاء أحد كبراء المدينة فنقلنا إلى داره وأكرمنا إكراما كثيرا.

[ذكر سلطان برغمة]

وسلطانها يسمّى يخشي خان «١٠٨» ، بكسر الشين، وخان عندهم هم السلطان، ويخشي بياء آخر الحروف وخاء معجم وشين معجم مكسور، ومعناه: جيّد، صادفناه في مصيف له فأعلم بقدومنا فبعث بضيافة وثوب قدسيّ، ثم اكترينا من يدلّنا على الطريق وسرنا في جبال شامخة وعرة إلى أن وصلنا إلى مدينة بلي كسري «١٠٩» ، وضبط اسمها بباء موحدة مفتوحة ولام مكسور وياء مدّ وكاف مفتوح وسين مهمل مسكن وراء مكسور وياء، مدينة حسنة كثيرة العمارة مليحة الأسواق، ولا جامع لها يجمّع فيه، وأرادوا بناء جامع خارجها متّصل بها فبنوا حيطانه ولم يجعلوا له سقفا وصاروا يصلّون به ويجمّعون تحت ظلال الأشجار ونزلنا من هذه المدينة بزاوية الفتى أخي سنان وهو من أفاضلهم وأتى إلينا قاضيها وخطيبها الفقيه موسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>