جاور الشيخ أبو مهدي بمكة سنة ثمان وعشرين وخرج إلى جبل حراء مع جماعة من المجاورين فلما صعدوا الجبل وصلّوا بمتعبد النبي صلى الله عليه وسلم تسليما، ونزلوا عنه تأخر أبو مهدي عن الجماعة ورأى طريقا في الجبل فظنه قاصدا فسلك عليه ووصل الصحابة إلى أسفل الجبل فانتظروه فلم يأت فتطلّعوا فيما حولهم فلم يروا له أثرا فظنوا أنه سبقهم فمضوا إلى مكة، شرفها الله تعالى، ومرّ عيسى على طريقه فأفضى به إلى جبل آخر وتاه عن الطريق، وأجهده العطش والحرّ وتمزّقت نعله فكان يقطع من ثيابه ويلفّ على رجليه إلى أن ضعف عن المشي واستظلّ بشجرة أن غيلان، فبعث الله أعرابيا على جمل حتّى وقف عليه، فاعلمه بحاله فأركبه وأوصله إلى مكة، وكان على وسطه هميان «٦٩» فيه ذهب فسلّمه إليه، وأقام نحو شهر لا يستطيع القيام على قدميه، وذهبت جلدتهما ونبتت لهما جلدة أخرى وقد جرا مثل ذلك لصاحب لي اذكره ان شاء الله.
ومن المجاورين بالمدينة الشريفة أبو محمد السّروي «٧٠» من القراء المحسنين، وجاور بمكة في السنة المذكورة، وكان يقرأ بها كتاب الشفاء للقاضي عياض «٧١» بعد صلاة الظهر وأمّ في التراويح بها، ومن المجاورين الفقيه أبو العباس الفاسي مدرس المالكية بها، وتزوّج ببنت الشيخ الصالح شهاب الدين الزّرندى.
حكاية [المرتكب الصّعب]
يذكر أن أبا العباس الفاسي تكلّم يوما مع بعض الناس فانتهى به الكلام إلى أن تكلم بعظيمة ارتكب فيها بسبب جهله بعلم النسب وعدم حفظه للسانه مرتكبا صعبا عفا الله عنه،