الموضع مستريحا عند مجيئه من عمرته فيتبرك الناس بتقبيله ويستندون إليه. ومنها التنعيم، وهو على فرسخ من مكة، ومنه يعتمر أهل مكة وهو أدنى الحلّ إلى الحرم، ومنه اعتمرت أم المومنين عائشة رضي الله عنها حين بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما في حجة الوداع مع أخيها عبد الرحمن رضي الله عنه، وأمره أن يعمرها من التنعيم، وبنيت هنالك مساجد ثلاثة على الطريق تنسب كلها إلى عائشة رضي الله عنها، وطريق التّنعيم طريق فسيح، والناس يتحرون كنسه في كلّ يوم رغبة في الأجر والثواب لأن من المعتمرين من يمشي فيه حافيا، وفي هذا الطريق الآبار العذبة التي تسمى الشّبيكة.
ومنها الزاهر وهو على نحو ميلين من مكة على طريق التنعيم، وهو موضع على جانبي الطريق فيه أثر دور وبساتين وأسواق، وعلى جانب الطريق دكان مستطيل تصفّ عليه كيزان الشّرب وأواني الوضوء يملأها خديم ذلك الموضع من أبار الزاهر وهي بعيدة القعر جدّا، والخديم من الفقراء المجاورين، وأهل الخير يعينونه على ذلك لما فيه من المرفقة للمعتمرين من الغسل والشرب والوضوء، وذو طوى يتصل بالزاهر.
[ذكر الجبال المطيفة بمكة.]
فمنها جبل أبي قبيس، وهو في جهة الجنوب والشرق من مكة حرسها الله وهو أحد الأخشبين وأدنى الجبال من مكة شرفها الله، ويقابل ركن الحجر الأسود، وبأعلاه مسجد «١٧٥» وأثر رباط وعمارة، وكان الملك الظاهر «١٧٦» رحمه الله أراد أن يعمّره، وهو مطلّ على الحرم الشريف وعلى جميع البلد، ومنه يظهر حسن مكة شرّفها الله، وجمال الحرم واتساعه، والكعبة المعظمة، ويذكر أن جبل أبي قبيس هو أول جبل خلقه الله تعالى وفيه استودع الحجر زمان الطوفان، وكانت قريش تسميه الأمين، لأنه أدى الحجر الذي أستودع فيه إلى الخليل إبراهيم عليه السلام، ويقال: إن قبر آدم عليه السلام به، وفي جبل أبي قبيس موضع موقف النبي صلى الله عليه وسلم تسليما حين انشق له القمر «١٧٧» ، ومنها قعيقعان «١٧٨» وهو أحد