ويكون فيه البيوت والمصاري «١٢٦» والغرف للتجار، والمصرية منها يكون فيها البيوت والسنداس، وعليها المفتاح يسدها صاحبها، ويحمل معه الجواري والنساء، وربّما كان الرجل في مصريته فلا يعرف به غيره ممن يكون بالمركب حتى يتلاقيا إذا وصلا إلى بعض البلاد، والبحرية يسكّنون فيها أولادهم، ويزدرعون الخضر والبقول والزنجبيل في أحواض خشب.
ووكيل المركب كأنه أمير كبير، وإذا نزل إلى البر مشت الرماة والحبشة بالحراب والسيوف والأطبال والأبواق والأنفار أمامه، وإذا وصل إلى المنزل الذي يقيم به ركّزوا رماحهم عن جانبي بابه ولا يزالون كذلك مدة إقامته.
ومن أهل الصين من تكون له المراكب الكثيرة يبعث بها وكلاءه إلى البلاد، وليس في الدنيا أكثر أموالا من أهل الصين.
[ذكر أخذنا في السفر إلى الصين ومنتهى ذلك.]
ولما حان وقت السفر إلى الصين جهّز لنا السلطان السامري جنكا من الجنوك الثلاث عشرة التي بمرسى قالقوط، وكان وكيل الجنك يسمى بسليمان الصفدي الشامي، وبيني وبينه معرفة، فقلت له: أريد مصرية لا يشاركني فيها أحد لأجل الجواري، ومن عادتي أن لا أسافر إلا بهن، فقال لي: إن تجار الصين قد اكثروا المصاري ذاهبين وراجعين، ولصهري مصرية أعطيكها لكنها لا سنداس فيها، وعسى أن تمكن معاوضتها، فأمرت أصحابي فأوسقوا ما عندي من المتاع، وصعد العبيد والجواري إلى الجنك، وذلك في يوم الخميس، وأقمت لأصلي الجمعة وألحق بهم، وصعد الملك سنبل وظهير الدين مع الهدية، ثم إن فتى لي يسمّى بهلال أتاني غدوة الجمعة، فقال: إن المصرية التي أخذنا بالجنك ضيقة لا تصلح، فذكرت ذلك للنّاخودة فقال: ليست في ذلك حيلة، فإن أحببت أن تكون في الككم ففيه المصاري على اختيارك، فقلت: نعم، وأمرت أصحابي فنقلوا الجواري والمتاع إلى الككم واستقروا به قبل صلاة الجمعة.
وعادة هذا البحر أن يشتد هيجانه كلّ يوم بعد العصر فلا يستطيع أحد ركوبه، وكانت الجنوك قد سافرت ولم يبق منها إلا الذي فيه الهدية وجنك عزم أصحابه على أن يشتوا بفندرينا، والككم المذكور، فبتنا ليلة السبت على الساحل لا نستطيع الصعود إلى الككم ولا