وأخبرني الناخودة أن هذه الملكة لها في عسكرها نسوة وخدم وجوار يقاتلن كالرّجال وأنها تخرج في العساكر من رجال ونساء فتغير على عدوها وتشاهد القتال وتبارز الأبطال، وأخبرني أنها وقع بينها وبين بعض أعدائها قتال شديد وقتل كثير من عسكرها وكادوا يهزمون، فدفعت بنفسها وخرقت الجيوش حتى وصلت إلى الملك الذي كانت تقاتله فطعنته طعنة كان فيها حتفه فمات وانهزمت عساكره، وجاءت برأسه على رمح فافتكّه أهله منها بمال كثير، فلما عادت إلى أبيها، ملّكها تلك المدينة التي كانت بيد أخيها. وأخبرني أن أبناء الملوك يخطبونها فتقول: لا أتزوج إلا من يبارزني فيغلبني فيتحامون مبارزتها خوف المعرة إن غلبتهم!
[ثم سافرنا عن بلاد طوالسي]
فوصلنا بعد سبعة عشر يوما، والريح مساعدة لنا، ونحن نسير بها أشد السير وأحسنه إلى بلاد الصين، واقليم الصين متّسع كثير الخيرات والفواكه والزرع والذهب والفضة لا يضاهيه في ذلك إقليم من أقاليم الأرض ويخترقه النهر المعروف بآب حياة «٣٤» ، معنى ذلك ماء الحياة، ويسمى أيضا نهر السّبر، كاسم النهر الذي بالهند، ومنبعه من جبال بقرب مدينة خان بالق تسمى كوه بوزنه معناه جبل القرود، ويمرّ في وسط الصين مسيرة ستة أشهر إلى أن ينتهي إلى صين الصين وتكتنفه القرى والمزارع والبساتين والأسواق كنيل مصر إلا أن هذا أكثر عمارة، وعليه النواعير الكثيرة.