كأنه سلطان يشد على رأسه عصابة من أوراق الأشجار ويتوكأ على عصا ويكون عن يمينه ويساره أربعة من القرود لها عصى بأيديها وأنه إذا جلس القرد المقدم تقف القرود الأربعة على رأسه وتأتي أنثاه وأولاده فتقعد بين يديه كلّ يوم، وتاتي القرود فتقعد على بعد منه ثم يكلمها أحد القرود الأربعة فتنصرف القرود كلها، ثم ياتي كل قرد منها بموزة أو ليمونة أو شبه ذلك فيأكل القرد المقدم وأولاده والقرود الأربعة.
وأخبرني بعض الجوكية أنه رأى القرود الأربعة بين يدي مقدمها وهي تضرب بعض القرود بالعصى ثم نتفت وبره بعد ضربه، وذكر لي الثقات أنه إذا ظفر قرد من هذه القرود بصبيّة لا تستطيع الدفاع عن نفسها جامعها! وأخبرني بعض أهل هذه الجزيرة أنه كان بداره قرد منها فدخلت بنت له بعض البيوت فدخل عليها فصاحت به فغلبها، قال: ودخلنا عليها وهو بين رجليها فقتلناه! ثم كان رحيلنا إلى خور الخيزران، ومن هذا الخور أخرج أبو عبد الله بن خفيف الياقوتتين اللّتين أعطاهما لسلطان هذه الجزيرة حسبما ذكرناه في السفر الأول «٢٥٩» .
ثم رحلنا إلى موضع يعرف ببيت العجوز وهو آخر العمارة، ثم رحلنا إلى مغارة بابا طاهر، وكان من الصالحين، ثم رحلنا إلى مغارة السّبيك، بفتح السين المهمل وكسر الباء الموحدة وياء مد وكاف، وكان السّبيك من سلاطين الكفار وانقطع للعبادة هنالك.
[ذكر العلق الطيار]
وبهذا الموضع رأينا العلق الطيار ويسمونه الزّولو «٢٦٠» ، بضم الزاي واللام، ويكون بالأشجار والحشائش التي تقرب من الماء فإذا قرب الإنسان منه وثب عليه، فحيثما وقع من جسده خرج منه الدم الكثير! والناس يستعدّون له الليمون، ويعصرونه عليه فيسقط عنهم ويجردون الموضع الذي يقع عليه بسكين خشب معد لذلك.
ويذكر أن بعض الزوار مرّ بذلك الموضع فتعلقت به العلق فاظهر الجلد ولم يعصر