ثم رحلنا من هذه القرية التي عند الخليج فوصلنا إلى بلدة قري منسى «١٠١» ، وقري بقم القاف وكسر الراء ومات لي بها الجمل الذي كنت أركبه، فأخبرني راعيه بذلك فخرجت لأنظر إليه، فوجدت السودان قد أكلوه كعادتهم في أكل الجيف، فبعثت غلامين كنت استأجرتهما على خدمتي ليشتريا لي جملا بزاغري، وهي على مسيرة يومين، وأقام معي بعض أصحاب أبي بكر بن يعقوب وتوجه هو لينتظرنا بميمة فأقمت ستة أيام أضافني فيها بعض الحجاج بهذه البلدة حتى وصل الغلامان بالجمل.
[حكاية [منامة]]
وفي أيام إقامتي بهذه البلدة رأيت ليلة، فيما يرى النائم، كأن إنسانا يقول لي: يا محمّد بن بطوطة! لماذا لا تقرأ سورة يس «١٠٢» في كل يوم؟ فمن يومئذ ما تركت قراءتها كلّ يوم في سفر ولا حضر.
ثم رحلت إلى بلدة ميمة، بكسر الميم الأول وفتح الثاني، فنزلنا على آبار بخارجها، ثم سافرنا منها إلى مدينة تنبكتو «١٠٣» ، وضبط اسمها بضم التاء المعلوة وسكون النون وضم البلاد الموحدة وسكون الكاف وضم التاء المعلوه الثانية وواو، وبينها وبين النّيل أربعة أميال، وأكثر سكانها مسّوفة أهل اللثام، وحاكمها يسمى فربا موسى، حضرت عنده يوما وقد قدّم أحد مسّوفة أميرا على جماعة فجعل عليه ثوبا وعمامة وسروالا، كلّها مصبوغة، وأجلسه على درقة ورفعه كبراء قبيلته على رؤوسهم.
وبهذه البلدة قبر الشاعر المفلق أبي إسحاق الساحلي الغرناطي المعروف ببلده بالطّويجن، وبها قبر سراج الدين ابن الكويك «١٠٤» أحد كبار التجار من أهل الاسكندرية.