ثم سافرنا من مدينة أجين إلى مدينة دولة أباد «٥٠» وهي المدينة الضخمة العظيمة الشأن الموازية لحضرة دهلي في رفعة قدرها واتساع خطتها، وهي منقسمة ثلاثة أقسام:
أحدها دولة أباد وهو مختص بسكنى السلطان وعساكره، والقسم الثاني يسمى الكتكة، «٥١» ، بفتح الكافين والتاء المعلوة التي بينهما، والقسم الثالث قلعتها التي لا مثل لها ولا نظير في الحصانة، وتسمى الدّويقير، بضم الدال المهمل وفتح الواو وسكون الياء وقاف معقود مكسور وياء مد وراء، وبهذه المدينة سكنى الخان الأعظم قطلوخان «٥٢» معلّم السلطان، وهو أميرها والنائب عن السلطان بها، وببلاد صاغر وبلاد التّلنك وما أضيف إلى ذلك، وعمالتها مسيرة ثلاثة أشهر عامرة كلّها لحكمه ونوابه فيها.
وقلعة الدّويقر التي ذكرناها في قطعة حجر في بسيط من الأرض «٥٣» ، قد نحتت وبنى بأعلاها قلعة يصعد إليها بسلّم مصنوع من جلود ويرفع ليلا ويسكن بها المفردون وهم الزمّاميون «٥٤» بأولادهم، وفيها سجن أهل الجرائم العظيمة في جبوب بها وبها فيران ضخام أعظم من القطوط والقطوط تهرب منها ولا تطيق مدافعتها لأنها تغلبها! ولا تصاد إلا بحيل تدار عليها، وقد رأيتها هنالك فعجبت منها.
[حكاية [فيران تأكل الرجال]]
أخبرني الملك خطّاب الأفغاني «٥٥» أنّه سجن مرة في جب بهذه القلعة يسمى جب الفيران، قال: فكانت تجتمع عليّ ليلا لتأكلني فأقاتلها، وألقى من ذلك جهدا، ثم إني رأيت في النوم قائلا يقول لي: اقرأ سورة الإخلاص مائة الف مرة، ويفرج الله عنك، قال: فقرأتها فلما أتممتها أخرجت.