كان هذا الشيخ إبراهيم قدم على هذه المدينة ونزل بخارجها فأحيى أرضا مواتا هنالك وصار يزدرعها بطيخا فتأتى في الغاية من الحلاوة ليس بتلك الأرض مثلها ويزرع الناس بطيخا فيما يجاوره فلا يكون مثله، وكان يطعم الفقراء والمساكين فلما قصد السلطان إلى بلاد المعبر «٤٧» أهدى اليه هذا الشيخ بطيخا فقبله واستطابه رأقطعه مدينة ظهار، وأمره أن يعمّر زاوية بربوة تشرف عليها فعمرها أحسن عمارة وكان يطعم بها الوارد والصادر، وأقام على ذلك أعواما ثم قدم على السلطان، وحمل إليه ثلاثة عشر لكّا، فقال: هذا فضل مما كنت أطعمه الناس، وبيت المال أحق به، فقبضه منه ولم يعجب السلطان فعله لكونه جمع المال ولم ينفق جميعه في اطعام الطعام! وبهذه المدينة أراد ابن اخت الوزير خواجة جهان «٤٨» أن يفتك بخاله ويستولي على أمواله ويسير إلى القائم ببلاد المعبر فنمى خبره إلى خاله فقبض عليه وعلى جماعة من الأمراء وبعثهم إلى السلطان فقتل الأمراء ورد ابن أخته إليه، فقتله الوزير.
[حكاية [ابن أخت الوزير وجاريته]]
ولما رد ابن أخت الوزير إليه أمر به أن يقتل كما قتل أصحابه وكانت له جارية يحبها فاستحضرها وأطعمها التّنبول وأطعمته وعانقها مودعا ثم طرح للفيلة، وسلخ جلده وملى تبنا، فلما كان من الليل خرجت الجارية من الدار فرمت بنفسها في بئر هنالك تقرب من الموضع الذي قتل فيه فوجدت ميتة من الغد فأخرجت ودفن لحمه معها في قبر واحد، وسمى ذلك قبور عاشقان، وتفسير ذلك بلسانهم قبر العاشقين.
ثم سافرنا من مدينة ظهار إلى مدينة أجين، وضبط اسمها بضم الهمزة وفتح الجيم وياء نون، مدينة حسنة كثيرة العمارة وكان يسكنها الملك ناصر الدين بن عين الملك من الفضلاء الكرماء العلماء، استشهد بجزيرة سندابور حين افتتاحها، وقد زرت قبره هنالك، وسنذكره «٤٩» ، وبهذه المدينة كان سكنى الفقيه الطبيب جمال الدين المغربي الغرناطي الأصل.