ويكون معهن نحو ثلاثين من غلمانه عليهم جباب الملفّ الحمر «٨٥» ، وفي رؤوسهم الشواشي البيض، وكلّ واحد منهم متقلّد طبله، يضربه ثم يأتي أصحابه من الصبيان فيلعبون ويتقلبون في الهواء كما يفعل السّندى، ولهم في ذلك رشاقة وخفة بديعة ويلعبون بالسيوف أجمل لعب، ويلعب دوغا بالسيف لعبا، بديعا وعند ذلك يأمر السلطان له بالاحسان فيوتي بصرّة فيها مائتا مثقال (٨٥) من التّبر ويذكر له ما فيها على رؤوس الناس، وتقوم الفرارية فينزعون في قسيهم شكرا للسلطان، وبالغد يعطي كلّ واحد لدوغا عطاء على قدره، وفي كل يوم جمعة بعد العصر يفعل دوغا مثل هذا الترتيب الذي ذكرناه.
[ذكر الأضحوكة في إنشاد الشعراء للسلطان]
وإذا كان يوم العيد وأتم دوغا لعبه جاء الشعراء، ويسمون الجلا، بضم الجيم، واحدهم جالي «٨٦» ، وقد دخل كلّ واحد منهم في جوف صورة مصنوعة من الرّيش تشبّها لشقشاق، وجعل لها رأس من الخشب له منقار أحمر كأنه رأس الشقشاق، ويقفون بين يدي السلطان بتلك الهيأة المضحكة، فينشدون أشعارهم «٨٧» ، وذكر لي أن شعرهم نوع من الوعظ يقولون فيه للسلطان: إن هذا البنبي الذي عليه جلس فوقه من الملوك فلان وكان من حسن أفعاله كذا، وفلان وكان من أفعاله كذا، فافعل أنت من الخير ما يذكر بعدك! ثم يصعد كبير الشعراء على درج البنبي ويضع رأسه في حجر السلطان، ثم يصعد إلى أعلى البنبي فيضع رأسه على كتف السلطان الأيمن ثم على كتفه الأيسر، وهو يتكلم بلسانهم، ثم ينزل، وأخبرت أن هذا الفعل لم يزل قديما عندهم قبل الاسلام فاستمروا عليه!.
[حكاية [الجرادة المتكلمة] !]
وحضرت مجلس السلطان في بعض الأيام، فأتى أحد فقهائهم وكان قدم من بلاد بعيدة وقام بين يدي السلطان وتكلم كلاما كثيرا، فقام القاضي فصدّقه ثم صدقهما السلطان، فوضع كلّ واحد منهما عمامته عن رأسه وترّب بين يديه، وكان إلى جانبي رجل