بخبرنا، فأذنوا لنا في دخول مرساها فدخلناه، ثم نزلنا إلى المدينة، وهي من أعظم مدن الدنيا وليست على ترتيب بلاد الصّين في كون البساتين داخلها، وإنما هي كسائر البلاد والبساتين بخارجها، ومدينة السلطان في وسطها كالقصبة، حسبما نذكره.
ونزلت عند الشيخ برهان الدين الصاغرجي، وهو الذي بعث إليه ملك الهند بأربعين ألف دينار واستدعاه، فأخذ الدنانير وقضى بها دينه، وأبى أن يسير إليه «٨٨» ! وقدم على بلاد الصين فقدّمه القان على جميع المسلمين الذين ببلاده وخاطبه بصدر الجهان.
[ذكر سلطان الصين والخطا الملقب بالقان.]
والقان عندهم سمة لكل من يلي الملك: ملك الأقطار، كمثل ما يسمى كلّ من ملك بلاد اللّور بآتابك «٨٩» ، واسمه بّاشاي «٩٠» بفتح الباء المعقودة والشين المعجمة وسكون الياء، وليس للكفار على وجه الأرض مملكة أعظم من مملكته.
[ذكر قصره [القان]]
وقصره في وسط المدينة المختصة بسكناه، وأكثر عمارته بالخشب المنقوش، وله ترتيب عجيب، وعليه سبعة أبواب فالباب الأول منها يجلس به الكتوال، وهو أمير البوابين وله مصاطب مرتفعة عن يمين الباب ويساره، وفيها المماليك البرددارية، وهم حفاظ باب القصر، وعددهم خمسمائة رجل، وأخبرت أنهم كانوا فيما تقدم الف رجل، والباب الثاني يجلس عليه النّزدارية، بالنون والزاي، وهم أصحاب الرماح وعددهم خمسمائة، والباب الرابع يجلس عليه التّغدارية بالتاء المثناة والغين المعجم، وهم أصحاب السّيوف والترسنة. والباب الخامس فيه ديوان الوزارة، وبه سقائف كثيرة، فالسّقيفة العظمى يقعد بها الوزير على مرتبة هائلة مرتفعة، ويسمون ذلك الموضع المسند، وبين يدي الوزير دواة عظيمة من الذهب، وتقابل هذه السقيفة سقيفة كاتب السر، وعن يمينها سقيفة كتاب الرسائل، وعن يمين الوزير سقيفة كتّاب الأشغال، وتقابل هذه السقائف سقائف أربع إحداها تسمى ديوان الإشراف يقعد بها المشرف، والثانية سقيفة ديوان المستخرج وأميرها من كبار الامراء، والمستخرج هو ما يبقى قبل العمال، وقبل الأمراء من إقطاعاتهم، والثالثة ديوان الغوث، ويجلس فيها أحد الامراء