والوزير والحاجب، وصاحب العلامة «٥٤» وهم يسمونه آل طمغى، وآل بفتح الهمزة: معناه الأحمر، وطمغى بفتح الطاء المهمل وسكون الميم والغين المعجم المفتوح، ومعناه العلامة.
وقام إليّ أربعتهم حين دخولي، ودخلوا معي فسلمت عليه وسألني، وصاحب- يترجم بيني وبينه، وعن مكة والمدينة والقدس شرفها الله وعن مدينة الخليل عليه السلام وعن دمشق ومصر والملك الناصر عن العراقين وملكهما وبلاد الاعاجم، ثم أذّن المؤذن بالظهر فانصرفنا وكنا نحضر معه الصلوات، وذلك أيام البرد الشديد المهلك، فكان لا يترك صلاة الصبح والعشاء في الجماعة ويقعد للذكر بالتركية بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس، وياتي إليه كلّ من في المسجد فيصافحه ويشد بيده على يده، وكذلك يفعلون في صلاة العصر، وكان إذا أوتي بهدية من زبيب أو تمر، والتمر عزيز عندهم وهم يتبرّكون به، يعطي منها بيده لكلّ من في المسجد.
[حكاية [فضائل السلطان طرمشيرين]]
ومن فضائل هذا الملك أنه حضرت صلاة العصر يوما ولم يحضر السلطان فجاء أحد فتيانه بسجادة ووضعها قبالة المحراب حيث جرت عادته أن يصلي، وقال للإمام حسام الدين الياغي: إن مولانا يريد أن تنتظره بالصلاة قليلا ريثما يتوضأ فقام الامام المذكور، وقال: نماز، ومعناه الصلاة، برأي خذا أو برأي طرمشيرين؟ أي الصّلاة لله أو لطرمشيرين؟ ثم أمر المؤذن بإقامة الصلاة وجاء السلطان وقد صلّي منها ركعتان، فصلى الركعتين الآخرتين حيث انتهى به القيام، وذلك في الموضع الذي تكون به أنعلة الناس عند باب المسجد، وقضى ما فاته وقام إلى الإمام ليصافحه وهو يضحك وجلس قبالة المحراب والشيخ الإمام إلى جانبه وأنا إلى جانب الإمام فقال لي: إذا مشيت إلى بلادك فحدّث أنّ فقيرا من فقراء الأعاجم يفعل هكذا مع سلطان الترك!! وكان هذا الشيخ يعظ الناس في كلّ جمعة ويأمر السلطان بالمعروف وينهاه عن المنكر وعن الظلم ويغلّظ عليه القول والسلطان ينصت لكلامه ويبكي، وكان لا يقبل من عطاء السّلطان شيئا ولم يأكل قط من طعامه ولا لبس من ثيابه.