وكان السلطان قد بعث هدية إلى الخليفة بديار مصر أبي العباس، وطلب له أن يبعث له أمر التقدمة على بلاد الهند والسند اعتقادا منه في الخلافة «٤٠» فبعث إليه الخليفة أبو العباس ما طلبه مع شيخ الشيوخ بديار مصر ركن الدين، فلما قدم عليه بالغ إكرامه وأعطاه عطاء جزلا، وكان يقوم له متى دخل عليه ويعظمه، ثم صرفه وأعطاه أموالا طائلة.
وفي جملة ما أعطاه جملة من صفائح الخيل ومساميرها، كل ذلك من الذهب الخاص، وقال له: إذا نزلت من البحر فأنعل أفراسك بها، فتوجه إلى كنباية ليركب البحر منها إلى بلاد اليمن فوقعت قضية خروج القاضي جلال الدين وأخذه مال ابن الكولمي فأخذ أيضا ما كان لشيخ الشيوخ، وفر بنفسه مع ابن الكولميّ إلى السلطان، فلما رءاه السلطان قال له مما زحا: آمدي كزر بري بادكري صنم خري زرنبري وسرنهي: معناه جئت لتحمل الذهب تاكله مع الصور الحسان، فلا تحمل ذهبا، ورأسك تخليه هاهنا، قال له ذلك على معنى الانبساط، ثم قال له: اجمع خاطرك فيها أنا سائر إلى المخالفين، وأعطيك أضعاف ما أخذوه لك.
وبلغني بعد انفصالي عن بلاد الهند أنه وفّى له بما وعده وأخلف له جميع ما ضاع منه وأنه وصل بذلك إلى ديار مصر.
[ذكر عطائه للواعظ الترمذي ناصر الدين]
وكان هذا الفقيه الواعظ قدم على السلطان وأقام تحت إحسانه مدة عام ثم أحب الرجوع إلى وطنه فأذن له في ذلك، ولم يكن سمع كلامه ووعظه، فلما خرج السلطان يقصد بلاد المعبر «٤١» أحب سماعه قبل انصرافه فأمر أن يهيّأ له منبر من الصندل الأبيض