ولا تسقى منه دابّة، ولقد أقمنا عليه ثلاثا فما غرف منه أحد غرفة ولا كدنا نقرب منه لأنّه ينزل من جبل قراجيل «١٢٩» التي بها معادن الذهب، ويمرّ على الخشاش المسمومة فمن شرب منه مات (١٢٩) .
وهذا الجبل متّصل مسيرة ثلاثة اشهر، وينزل منه إلى بلاد تبّت حيث غزلان المسك، وقد ذكرنا ما اتّفق على جيش المسلمين بهذا الجبل، وبهذا الموضع جاء إليّ جماعة من الفقراء الحيدريّة وعملوا السّماع واوقدوا النيران فدخلوها ولم تضرّهم، وقد ذكرنا ذلك «١٣٠» .
وكانت قد نشأت بين أمير هذه البلاد شمس الدين البذخشانيّ وبين واليها عزيز الخمّار منازعة وجاء شمس الدين لقتاله، فامتنع منه بداره وبلغت شكاية أحدهما الوزير بدهلي، فبعث إليّ الوزير وإلى الملك شاه أمير المماليك بأمروها، وهم أربعة آلاف مملوك للسلطان، وإلى شهاب الدين الروميّ أن ننظر في قضيّتهما، فمن كان على الباطل بعثناه مثقفا إلى الحضرة، فاجتمعوا جميعا بمنزلي وادّعى عزيز على شمس الدين دعاوي منها أنّ خديما له يعرف بالرّضى الملتانيّ نزل بدار خازن عزيز المذكور، فشرب بها الخمر وسرق خمسة آلاف دينار من المال الذي عند الخازن، فاستفهمت الرّضى عن ذلك، فقال لي: ما شربت الخمر منذ خروجي من ملتان، وذلك ثمانية اعوام، فقلت له: أو شربتها بملتان؟ قال نعم! فأمرت بجلده ثمانين وسجنته بسبب الدعوى للوث ظهر عليه.
وانصرفت عن أمروها فكانت غيبتي نحو شهرين، وكنت في كلّ يوم اذبح لأصحابي بقرة وتركت أصحابي ليأتوا بالزرع المنفّذ على عزيز، وحمله عليه، فوزّع على أهل القرى التي لنظره ثلاثين ألف منّ يحملونها على ثلاثة آلاف بقرة، وأهل الهند لا يحملون الّا على البقرة وعليه يرفعون أثقالهم في الأسفار، وركوب الحمير عندهم عيب كبير وحميرهم صغار الأجرام يسمّونها اللاشة «١٣١» ، واذا أرادوا إشهار أحد بعد ضربه أركبوه الحمار!
[ذكر مكرمة لبعض الأصحاب]
وكان السيّد ناصر الدين الا وهريّ قد ترك عندي لمّا سافر ألفا وستّين تنكة فتصرّفت فيها، فلمّا عدت إلى دهلي وجدته قد أحال في ذلك المال خذاوند زادة قوام الدين، وكان قدم نائبا عن الوزير، فاستقبحت أن أقول له: تصرّفت في المال، فأعطيته نحو ثلثه، وأقمت بداري أياما.