وهي متناهية في الكبر منقسمة بقسمين بينهما نهر عظيم فيه المدّ والجزر على شكل وادي سلا من بلاد المغرب، وكانت عليه فيما تقدم قنطرة مبنيّة، فخربت، وهو الآن يعبر في القوارب، واسم هذا النهر أبسمي «٩٥» بفتح الهمزة واسكان الباء الموحدة وضمّ السين المهمل وكسر الميم وياء مدّ، وأحد القسمين من المدينة يسمى إصطنبول «٩٦» بفتح الهمزة واسكان الصاد وفتح الطاء المهملتين وسكون النون وضمّ الباء الموحدة وواو مدّ ولام، وهو بالعدوة الشرقيّة من النّهر، وفيه سكنى السّلطان وأرباب دولته، وسائر الناس وأسواقه وشوارعه مفروشة بالصفاح، متّسعة، وأهل كلّ صناعة على حدة لا يشاركهم سواهم، وعلى كلّ سوق أبواب تسدّ عليه بالليل، وأكثر الصنّاع والباعة بها النساء.
والمدينة في سفح جبل داخل في البحر نحو تسعة أميال وعرضه مثل ذلك أو أكثر وفي أعلاه قلعة صغيرة وقصر السلطان، والسور يحيط بهذا الجبل، وهو مانع لا سبيل لأحد إليه من جهة البحر وفيه نحو ثلاث عشرة قرية عامرة، والكنيسة العظمى هي في وسط هذا القسم من المدينة وأمّا القسم الثاني منها فيسمى الغلطة «٩٧» ، بغين معجمة ولام وطاء مهمل مفتوحات، وهو بالعدوة الغربيّة من النهر، شبيه برباط الفتح في قربه من النهر، وهذا القسم خاصّ بنصارى الافرنج يسكنونه، وهم أصناف فمنهم الجنويّون، والبنادقة وأهل رومة، وأهل افرانسه، وحكمهم إلى ملك القسطنطينية يقدّم عليهم منهم من يرتضونه، ويسمّونه القمص «٩٨» ، وعليهم وظيفة في كلّ عام لملك القسطنطينية، وربّما استعصوا عليه فيحاربهم حتى يصلح بينهم البابة، وجميعهم أهل تجارة، ومرساهم من أعظم المراسي، رأيت به نحو مائة