وسلطان مقدشو، كما ذكرناه، إنما يقولون له الشيخ واسمه أبو بكر بن الشيخ «٥٠» عمر، وهو في الأصل من البربرة وكلامه بالمقدشيّ، ويعرف اللسان العربيّ، ومن عوائده أنه متى وصل مركب يصعد إليه صنبوق السلطان، فيسأل عن المركب من أين قدم، ومن صاحبه، ومن ربّانه، وهو الرايس، وما وسقه، ومن قدم فيه من التجار وغيرهم، فيعرف بذلك كلّه ويعرض على السلطان، فمن استحقّ أن ينزله عنده أنزله.
ولمّا وصلت مع القاضي المذكور، وهو يعرف بابن البرهان المصريّ الاصل «٥١» ، إلى دار السلطان خرج بعض الفتيان فسلّم على القاضي، فقال له: بلّغ الامانة وعرّف مولانا الشيخ أن هذا الرجل قد وصل من أرض الحجاز، فبلّغ ثم عاد وأتى بطبق فيه أوراق التنبول «٥٢» والفوفل، فأعطاني عشرة أوراق مع قليل من الفوفل، وأعطى للقاضي كذلك، وأعطى لأصحابي ولطلبة القاضي ما بقى في الطبق وجاء بقمقم من ماء الورد الدمشقّي فسكب عليّ وعلى القاضي، وقال: إن مولانا أمر أن ينزل بدار الطلبة وهي دار معدّة لضيافة الطلبة، فأخذ القاضي بيدي، وجئنا إلى تلك الدار وهي بمقربة من دار الشيخ مفروشة مرتّبة بما تحتاج إليه ثمّ أتى بالطعام من دار الشيخ ومعه أحد وزرائه وهو الموكّل بالضيوف، فقال:
مولانا يسلّم عليكم ويقول لكم: قدمتم خير مقدم، ثم وضع الطعام، فأكلنا وطعامهم الأرز المطبوخ بالسّمن يجعلونه في صحفة خشب كبيرة ويجعلون فوقه صحاف الكوشان «٥٣» ، وهو الإدام من الدجاج واللحم والحوت والبقول، ويطبخون الموز قبل نضجه في اللبن الحليب،