للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولمّا كان بعد المغرب جلس السلطان ببرج الخشب وأتى باثنين وستّين رجلا من كبار أصحاب القائم وأتى بالفيلة فطرحوا بين ايديها فجعلت تقطعهم بالحدائد الموضوعة على أنيابها وترمى ببعضهم إلى الهواء وتتلقفه، والأبواق والأنفار والطبول تضرب عند ذلك، وعين الملك واقف يعاين مقتلهم ويطرح منهم عليه، ثمّ أعيد إلى محبسه وأقام السلطان على جواز النهر أياما لكثرة الناس وقلّة القوارب، وأجاز امتعته وخزائنه على الفيلة، وفرّق الفيلة على خواصه ليجيزوا أمتعتهم وبعث إليّ بفيل منها أجزت عليه رحلي.

وقصد السلطان ونحن معه، إلى مدينة بهرايج «٤٩» ، وضبط اسمها بفتح الباء الموحدة وهاء مسكّن وراء والف وياء آخر الحروف مكسورة وجيم، وهي مدينة حسنة في عدوة نهر السّرو، وهو واد كبير شديد الانحدار وأجازه السلطان برسم زيارة قبر الشيخ الصالح البطل سالار عود «٥٠» الذي فتح أكثر تلك البلاد، وله أخبار عجيبة وغزوات شهيرة وتكاثر الناس للجواز وتزاحموا حتّى غرق مركب كبير كان فيه نحو ثلاثماية نفس لم ينج منهم الّا عربيّ من أصحاب الامير عذا، وكنّا ركبنا نحن في مركب صغير فسلّمنا لله تعالى.

وكان العربي الذي سلم من الغرق يسمّى بسالم، وذلك اتّفاق عجيب، وكان أراد أن يصعد معنا في مركبنا فوجدنا قد ركبنا النهر، فركب في المركب الذي غرق فلمّا خرج ظنّ الناس أنّه كان معنا فقامت ضجّة في أصحابنا وفي سائر الناس وتوهّموا أنّا غرقنا، ثمّ لمّا رأونا بعد استبشروا بسلامتنا.

وزرنا قبر الصالح المذكور وهو في قبّة لم نجد سبيلا إلى دخولها لكثرة الزحام وفي تلك الوجهة دخلنا غيضة قصب فخرج علينا منها الكركدّن، فقتل، وأتى الناس برأسه، وهو دون الفيل، ورأسه أكبر من رأس الفيل بأضعاف وقد ذكرناه.

ذكر عودة السلطان لحضرته ومخالفة عليّ شاه كر.

ولما ظفر السلطان بعين الملك كما ذكرنا عاد إلى حضرته بعد مغيب عامين

<<  <  ج: ص:  >  >>