وفي أيام إقامتي بها توجّه القاضي أبو ابراهيم، والخطيب محمد والمدرس أبو حفص، والشيخ سعيد بن علي إلى سلطان تكدّا، وهو بربري يسمى إزار «١٣٠» ، بكسر الهمزة وزاي والف وراء، وكان على مسيرة يوم منها، ووقعت بينه وبين التكركرى «١٣١» ، وهو من سلاطين البربر أيضا، منازعة فذهبوا إلى الاصلاح بينهما فأردت أن القاه، فاكتريت دليلا وتوجهت إليه، وأعلمه المذكورون بقدومي فجاء إليّ راكبا فرسا دون سرج وتلك عادتهم، وقد جعل عوض السرج طنفسة حمراء بديعة وعليه ملحفة وسراويل وعمامة كلّها زرق، ومعه أولاد أخته وهم الذين يرثون ملكه، فقمنا إليه، وصافحناه، وسأل عن حالي ومقدمي فأعلم بذلك، وأنزلني ببيت من بيوت اليناطبين، وهم كالوصفان «١٣٢» عندنا، وبعث برأس غنم مشوي في السفود، وقعب من حليب البقر، وكان في جوارنا بيت أمه وأخته فجاءتا إلينا وسلّمتا علينا وكانت أمه تبعث لنا الحليب بعد العتمة وهو وقت حلبهم ويشربونه ذلك الوقت وبالغدو، وأما الطعام فلا يأكلونه ولا يعرفونه، وأقمت عندهم ستّة أيام، وفي كل يوم يبعث بكبشين مشويين عند الصباح والمساء، وأحسن إلي بناقة وعشرين مثاقيل من الذهب وانصرفت عنه وعدت إلى تكدا.
[ذكر وصول الأمر الكريم إلي]
ولما عدت إلى تكدا وصل غلام الحاج محمد بن سعيد السّجلماسي بأمر مولانا أمير