وكان السلطان جمال الدين قد جهز اثنين وخمسين مركبا سفرية برسم غزو سندابور، وكان وقع بين سلطانها وولده خلاف، فكتب ولده إلى السلطان جمال الدين أن يتوجه لفتح سندابور ويسلم الولد المذكور، ويزوجه السلطان أخته «١٤٣» ، فلمّا تجهزت المراكب ظهر لي أن أتوجه فيها إلى الجهاد ففتحت المصحف أنظر فيه فكان في أول الصفحة: يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره، فاستبشرت بذلك، وأتى السلطان إلى صلاة العصر، فقلت له: أريد السفر فقال: إذا تكون أميرهم، فأخبرته بما خرج لي في أول المصحف فأعجبه ذلك، وعزم على السفر بنفسه ولم يكن ظهر له ذلك قبل، فركب مركبا منها وأنا معه، وذلك في يوم السبت فوصلنا عشيّ الاثنين إلى سندابور، ودخلنا خورها فوجدنا أهلها مستعدّين للحرب وقد نصبوا المجانيق، فبتنا عليها تلك الليلة.
فلما أصبح ضربت الطبول والانفار والأبواق وزحفت المراكب، ورموا عليها بالمجانيق، فلقد رأيت حجرا أصاب بعض الواقفين بمقربة من السلطان، ورمى اهل المراكب أنفسهم في الماء وبأيديهم الترسة والسيوف، ونزل السلطان إلى العكيرى، وهو شبه الشلّير «١٤٤» ، ورميت بنفسي في الماء في جملة الناس، وكان عندنا طريدتان مفتوحتي المواخر، فيها الخيل، وهي بحيث يركب الفارس فرسه في جوفها ويتدرّع ويخرج ففعلوا ذلك، وأذن الله في فتحها وأنزل النصر على المسلمين، فدخلنا بالسيف ودخل معظم الكفار في قصر سلطانهم، فرمينا النار فيه فخرجوا وقبضنا عليهم، ثم إن السلطان أمّنهم ورد لهم نساءهم وأولادهم وكانوا نحو عشرة آلاف وأسكنهم بربض المدينة وسكن السلطان القصر وأعطى الديار بمقربة منه لأهل دولته، وأعطاني جارية منهن تسمى لمكي فسميتها مباركة «١٤٥» ، وأراد زوجها فداءها فأبيت! وكساني فرجية مصرية وجدت في خزائن الكافر، وأقمت عنده بسندابور من يوم فتحها وهو الثالث عشر لجمادى الأولى إلى منتصف شعبان «١٤٦» ، وطلبت منه الإذن في السفر، فأخذ عليّ العهد في العودة إليه!