وهذا الحبوب التي ذكرناها هي الخريفية، وإذا حصدوها بعد ستين يوما من زراعتها ازدرعوا الحبوب الربيعية وهي القمح والشعير والحمص والعدس وتكون زراعتها في الأرض التي كانت الحبوب الخريفية مزدرعة فيها وبلادهم كريمة، طيبة التربة.
وأما الأرز فإنهم يزدرعونه ثلاث مرات في السنة، وهو من أكثر الحبوب عندهم، ويزدرعون السمسم، وقصب السكر مع الحبوب الخريفية التي تقدم ذكرها.
ولنعد إلى ما كنا بسبيله فأقول سافرنا من مدينة أبوهر في صحراء مسيرة يوم في أطرافها جبال منيعة يسكنها كفار الهنود وربما قطعوا الطريق، وأهل بلاد الهند أكثرهم كفار، فمنهم رعية تحت ذمة المسلمين يسكنون القرى ويكون عليهم حاكم من المسلمين يقدمه العامل أو الخديم «٥٠» الذي تكون القرية في إقطاعه.
ومنهم عصاة محاربون يمتنعون بالجبال ويقطعون الطريق.
[ذكر غزوة لنا بهذا الطريق وهي أول غزوة شهدتها ببلاد الهند]
ولما أردنا السفر من مدينة أبوهر خرج الناس منها أول النهار وأقمت بها إلى نصف النهار في لمّة من أصحابي، ثم خرجنا ونحن اثنان وعشرون فارسا منهم عرب ومنهم أعاجم، فخرج علينا في تلك الصحراء ثمانون رجلا من الكفار وفارسان، وكان أصحابي ذوي نجدة وغناء، فقاتلناهم أشد القتال، فقتلنا أحد الفارسين منهم وغنمنا فرسه، وقتلنا من رجالهم نحو اثنى عشر رجلا، وأصابتني نشّابة، وأصابت فرسي نشابة ثانية، ومنّ الله بالسلامة منها، لأن نشّابهم لا قوة لها، وجرح لأحد أصحابنا فرس عوّضناه له بفرس الكافر وذبحنا فرسه المجروح، فأكله الترك من أصحابنا، وأوصلنا تلك الرءوس إلى حصن أبي بكهر «٥١» فعلّقناها على سوره ووصلنا في نصف الليل إلى حصن أبي بكهر المذكور وضبط اسمه بفتح الباء الموحدة وسكون الكاف وفتح الهاء وآخره راء.