والمؤذّنين والقرّاء بالأصوات الحسان، والمدّاحين وكتّاب الغيبة والمعرّفين، وجميع هؤلاء يعرفون عندهم بالأرباب ورتّبت صنفا آخر يعرفون بالحاشية وهو الفرّاشون والطبّاخون والدوادويّة والآبداريّة، وهم السقّاءون والشربداريّة الذين يسقون الشّربة، والتنبول داريّة الذين يعطون التنبول والسلحداريّة والنيزداريّة والشطرداريّة والطشت داريّة والحجّاب والنقباء، فكان جميعهم أربعمائة وستّين.
وكان السلطان أمر أن يكون الطعام بها، كلّ يوم اثنى عشر منّا من الدقيق، ومثلها من اللحم فرأيت أن ذلك قليل، والزرع الذي أمر به كثيرا، فكنت أنفق كلّ يوم خمسة وثلاثين منّا من الدقيق، ومثلها من اللحم مع ما يتبع ذلك من السكّر والنبات والسّمن والتنبول وكنت أطعم المرتّبين وغيرهم من صادر ووارد، وكان الغلاء «١١٩» شديدا فارتفق الناس بهذا الطعام وشاع خيره.
وسافر الملك صبيح إلى السلطان بدولة آباد فسأله عن حال الناس، فقال له: لو كان بدهلي اثنان مثل فلان لما شكا الجهد! فأعجب ذلك السلطان، وبعث اليّ بخلعة من ثيابه، وكنت أصنع في المواسم، وهي العيدان والمولد الكريم «١٢٠» ويوم عاشوراء وليلة النصف من شعبان، ويوم وفاة السلطان قطب الدين مائة منّ من الدقيق ومثلها لحما، فيأكل منها الفقراء والمساكين، وأمّا أهل الوظيفة فيجعل امام كلّ انسان مهم ما يخصّه، ولنذكر عادتهم في ذلك.
[ذكر عادتهم في اطعام الناس في الولائم.]
وعادتهم ببلاد الهند وببلاد السّرا «١٢١» أنّه إذا فرغ من أكل الطعام في الوليمة جعل أمام كلّ إنسان من الشرفاء والفقهاء والمشايخ والقضاة وعاء شبه المهد له أربع قوائم منسوج سطحه من الخوض وجعل عليه الرقاق ورأس غنم مشويّ وأربعة أقراص معجونة بالسمن مملوّة بالحلواء الصابونية «١٢٢» مغطاة بأربع قطع من الحلواء كأنها الآجر، وطبقا صغيرا مصنوعا من الجلد فيه الحلواء والسموسك ويغطّى ذلك الوعاء بثوب قطن جديد، ومن كان