المقاصريّ «٤٢» وجعلت مساميره وصفائحه من الذهب وألصق بأعلاه حجر ياقوت عظيم، وخلع على ناصر الدين خلعة عباسية سوداء «٤٣» مذهبة مرصعة بالجوهر وعمامة مثلها ونصب له المنبر بداخل السراجة وهي أفراج، وقعد السلطان على سريره والخواص عن يمينه ويساره وأخذ القضاة والفقهاء والأمراء مجالسهم، فخطب خطبة بليغة ووعظ وذكّر، ولم يكن فيما فعله طائل! لاكن سعادته ساعدته! فلما نزل عن المنبر قام السلطان إليه وعانقه وأركبه على فيل وأمر جميع من حضر أن يمشوا بين يديه، وكنت في جملتهم، إلى سراجة ضربت له مقابلة سراجة السلطان، جميعها من الحرير الملون وصيوانها من الحرير، وخباؤها أيضا كذلك فجلس وجلسنا معه «٤٤» .
وكان بجانب من السراجة أواني الذهب التي أعطاه السلطان إياها، وذلك تنّور كبير بحيث يسع في جوفه الرجل القاعد، وقدران اثنان وصحاف لا أذكر عددها، وجملة أكواز وركوة وتميسندة، ومائدة لها أربعة أرجل، ومحمل للكتب، كل ذلك من ذهب خالص، ورفع عماد الدين السّمنانّي «٤٥» وتدين من أوتاد السراجة أحدهما نحاس والآخر مقصدر يوهم بذلك أنهما من ذهب وفضة، ولم يكونا إلا كما ذكرنا! وقد كان أعطاه حين قدومه مائة ألف دينار دراهم ومئين من العبيد سرّح بعضهم وحمل بعضهم.
[ذكر عطائه لعبد العزيز الأردويلي.]
وكان عبد العزيز هذا فقيها محدّثا قرأ بدمشق على تقي الدين بن تيمية وبرهان الدين بن البركح وجمال الدين المزي، وشمس الدين الذهبي «٤٦» وغيرهم، ثم قدم على السلطان فأحسن إليه وأكرمه.
واتفق يوما أنه سرد عليه أحاديث في فضل العباس وابنه رضى الله عنهما، وشيئا من مآثر الخلفاء أولادهما، فأعجب ذلك السلطان لحبه في بني العباس وقبل قدمي الفقيه