وعرفة. والمزدلفة بشرقي مكة شرفها الله. ولمكة من الأبواب ثلاث باب المعلى بأعلاها، وباب الشّبيكة من أسفلها ويعرف أيضا بباب الزاهر وبباب العمرة وهو إلى جهة المغرب وعليه طريق المدينة الشريفة ومصر والشام وجدة، ومنه يتوجه إلى التنعيم، وسيذكر ذلك، وباب المسفل وهو من جهة الجنوب، ومنه دخل خالد بن الوليد رضي الله عنه يوم الفتح.
ومكة شرفها الله، كما أخبر الله في كتابه العزيز حاكيا عن نبيه الخليل، بواد غير ذي زرع، ولكن سبقت لها الدعوة المباركة فكل طرفة تجلب إليها، وثمرات كل شيء تجبى لها «١١٢» .
ولقد أكلت بها من الفواكه العنب والتين والخوخ والرّطب مالا نظير له في الدنيا، وكذلك البطّيخ المجلوب اليها لا يماثله سواه طيبا وحلاوة واللحوم بها سمان لذيذات الطعوم، وكل ما يفترق في البلاد من السلع فيها اجتماعه، وتجلب لها الفواكه والخضر من الطائف «١١٣» ووادي نخلة وبطن مرّ، لطفا من الله بسكان حرمه الأمين ومجاوري بيته العتيق.
[ذكر مسجد الحرام شرفه الله وكرمه]
والمسجد الحرام في وسط البلد وهو متسع الساحة طوله من شرق إلى غرب أزيد من أربعمائة ذراع، حكى ذلك الأزرقي «١١٤» ، وعرضه يقرب من ذلك والكعبة العظمى في وسطه، ومنظره بديع، ومرآه جميل، لا يتعاطى اللّسان وصف بدائعه، ولا يحيط الواصف بحسن كماله، وارتفاع حيطانه نحو عشرين ذراعا وسقفه على أعمدة طوال مصطفة ثلاثة صفوف بأتقن صناعة وأجملها، وقد انتظمت بلاطاته الثلاثة انتظاما عجيبا كأنها بلاد واحد، وعدد سواريه الرخامية أربعمائة واحدى وتسعون سارية «١١٥» ما عدا الجصيّة التي في دار النّدوة