الماء، وأراد أن يبنى بمكة شرفها الله تعالى مثل ذلك، فلم يتمّ له، فبناه ابنه الملك الناصر بين الصّفا والمروة، وسيذكر إن شاء الله.
وقبلة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما قبلة قطع لأنه صلى الله عليه وسلم تسليما أقامها، وقيل أقامها جبريل عليه السلام، وقيل كان جبريل يشير له إلى سمتها وهو يقيمها، وروي أن جبريل، عليه السلام، أشار إلى الجبال فتواضعت فتنحّت حتى بدت الكعبة، فكان صلى الله عليه وسلّم تسليما يبني وهو ينظر إليها عيانا، وبكل اعتبار فهي قبلة قطع، وكانت القبلة أول ورود النبي صلى الله عليه وسلم تسليما المدينة إلى بيت المقدس، ثم حوّلت إلى الكعبة بعد ستة عشر شهرا، وقيل بعد سبعة عشر شهرا.
[ذكر المنبر الكريم.]
وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم تسليما، كان يخطب إلى جذع نخلة بالمسجد فلما صنع له المنبر وتحوّل إليه، حنّ الجذع حنين الناقة إلى حوارها، وروى أنه صلى الله عليه وسلّم تسليما نزل إليه فإلتزمه فسكن، وقال: لو لم ألتزمه لحن إلى يوم القيامة.
واختلفت الروايات فيمن صنع المنبر الكريم فروى أن تميم الدّاري «٥٤» رضي الله عنه هو الذي صنعه، وقيل: إن غلاما للعباس رضي الله عنه صنعه، وقيل غلام لامرأة من الانصار، وورد ذلك في الحديث الصحيح، وصنع من طرفاء الغابة، وقيل من الأثل «٥٥» ، وكان له ثلاث درجات فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما يقعد على علياهن، ويضع رجليه الكريمتين في وسطاهن، فلما ولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه قعد على وسطاهن، وجعل رجليه على أولاهن، فلما ولى عمر رضي الله عنه جلس على أولاهن وجعل رجليه على الأرض، وفعل ذلك عثمان رضي الله عنه صدرا من خلافته ثم ترقى إلى الثالثة.
ولما أن صار الأمر إلى معاوية رضي الله عنه أراد نقل المنبر إلى الشام فضجّ المسلمون وعصفت ريح شديدة وخسفت الشمس وبدت النجوم نهارا وأظلمت الأرض فكان الرجل يصادم الرجل ولا يتبيّن مسلكه، فلما رأى ذلك معاوية تركه وزاد فيه ستّ درجات من أسفله فبلغ تسع درجات «٥٦» .