وأراد السلطان أن يبني بالصحن الغربي صومعة أعظم منها فبنى مقدار الثلث منها واخترم دون تمامها «٩١» وأراد السلطان محمد اتمامها ثم ترك ذلك تشاؤما.
وهذه الصومعة من عجائب الدنيا في ضخامتها وسعة ممرها بحيث تصعده ثلاثة من الفيلة متقارنة، وهذا الثلث المبني منها مساو لارتفاع جميع الصومعة التي ذكرنا أنها بالصحن الشمالي.
وصعدتّها مرة فرأيت معظم دور المدينة، وعاينت الأسوار على ارتفاعها وسموّها منحطة، وظهر لي الناس في أسفلها كأنهم الصبيان الصغار، ويظهر لنا ظرها من أسفلها أن ارتفاعها ليس بذلك لعظم جرمها وسعتها! وكان السلطان قطب الدين أراد أن يبني أيضا مسجدا جامعا بسيري المسماة دار الخلافة، فلم يتم منه غير الحائط القبلي والمحراب، وبناؤه بالحجارة البيض والسود والحمر والخضر، ولو كمل لم يكن له مثل في البلاد، وأراد السلطان محمد إتمامه وبعث عرفاء البناء ليقدروا النفقة فيه فزعموا أنه ينفق في اتمامه خمسة وثلاثون لكا، فترك ذلك استكثارا له، وأخبرني بعض خواصه أنه لم يتركه استكثارا لكنه تشاءم به لما كان السلطان قطب الدين قد قتل قبل تمامه.
[ذكر الحوضين العظيمين بخارجها]
وبخارج دهلي الحوض العظيم المنسوب إلى السلطان شمس الدين للمش «٩٢» ومنه يشرب أهل المدينة، وهو بالقرب من مصلاها، وماؤه يجتمع من ماء المطر، وطوله نحو ميلين وعرضه على النصف من طوله، والجهة الغربية منه من ناحية المصلى مبنية بالحجارة مصنوعة أمثال الدكاكين بعضها أعلى من بعض وتحت كل دكان درج ينزل عليها إلى الماء وبجانب كل دكان قبة حجارة فيها مجالس للمتنزهين والمتفرجين، وفي وسط الحوض قبة عظيمة من الحجارة المنقوشة مجعولة طبقتين، فإذا كثر الماء في الحوض لم يكن سبيل إليها إلا في القوارب، فإذا قل الماء دخل إليها الناس وداخلها مسجد، وفي أكثر الأوقات يقيم