وللسّمك الذي يغتذون به قوة عجيبة في الباءة لا نظير لها، ولأهل هذه الجزائر عجب في ذلك، ولقد كان لي بها أربع نسوة وجوار سواهن فكنت أطوف على جميعهن كلّ يوم، وأبيت عند من تكون ليلتها، وأقمت بها سنة ونصف أخرى على ذلك! «١٧١» .
ومن أشجارها الجمّون «١٧٢» والأترج والليمون والقلقاص «١٧٣» ، وهم يصنعون من أصوله دقيقا يعملون منه شبه الإطرية، ويطبخونها بحليب النارجيل وهي من أطيب الطعام كنت أستحسنها كثيرا وآكلها.
[ذكر أهل هذه الجزائر، وبعض عوائدهم وذكر مساكنهم]
وأهل هذه الجزائر أهل صلاح وديانة وإيمان صحيح ونية صادقة، أكلهم حلال ودعاءهم مجاب، وإذا رأى الانسان أحدهم قال له: الله ربي، ومحمد نبيّ وأنا أمي مسكين، وأبدانهم ضعيفة ولا عهد لهم بالقتال والمحاربة وسلاحهم الدعاء، ولقد أمرت مرة بقطع يد سارق بها فغشى على جماعة منهم كانوا بالمجلس، ولا تطرقهم لصوص الهند ولا تذعرهم لانهم جربوا أنّ من أخذ لهم شيئا أصابته مصيبة عاجلة، واذا أتت أجفان العدو إلى ناحيتهم أخذوا من وجدوا، من غيرهم، ولم يعرضوا لأحد منهم بسوء، وإن أخذ أحد الكفار ولو ليمونة عاقبة أمير الكفار وضربه الضرب المبرح خوفا من عاقبة ذلك ولولا هذا لكانوا أهون الناس على قاصدهم بالقتال لضعف بنيتهم.
وفي كل جزيرة من جزائرهم المساجد الحسنة وأكثر عمارتهم بالخشب وهم أهل نظافة وتنزه عن الأقذار وأكثرهم يغتسلون مرتين في اليوم تنظفا لشدة الحر بها وكثرة العرق، ويكثرون من الأدهان العطرية كالصندلية ويتلطّخون بالغالية المجلوبة من مقدشو.
ومن عادتهم أنهم إذا صلوا الصبح أتت كل امرأة إلى زوجها أو ابنها بالمكحلة وبماء الورد ودهن الغالية «١٧٤» فيكحّل عينيه ويدهن بماء الورد ودهن الغالية، فتصقل بشرته وتزيل الشحوب عن وجهه.
ولباسهم فوط يشدون الفوطة منها على أوساطهم عوض السراويل، ويجعلون على