ولما وصلا إلى السراجة المعدة لنزول السلطان أنزله فيها، وضرب للسلطان غيرها، وباتا تلك الليلة بخارج الحضرة، فلما كان بالغد دخلا إلى دار الملك وأنزله بالمدينة المعروفة بسيري، وبدار الخلافة أيضا في القصر الذي بناه علاء الدين الخلجي وابنه قطب الدين، وأمر السلطان جميع الأمراء أن يمضوا معه إليه وأعد له فيه جميع ما يحتاج إليه من أواني الذهب والفضة حتى كان من جملتها مغتسل يغتسل فيه من ذهب، وبعث له أربعمائة ألف دينار غسل الرأس على العادة، وبعث له جملة من الفتيان والخدم والجواري، وعين له عن نفقته في كل يوم ثلاثمائة دينار، وبعث له زيادة إليها عددا من الموائد بالطعام الخاص، وأعطاه جميع مدينة سيري إقطاعا وجميع ما احتوت عليه من الدور وما يتصل بها من بساتين المخزن وأرضه وأعطاه مائة قرية وأعطاه حكم البلاد الشرقية المضافة لدهلى وأعطاه ثلاثين بغلة بالسروج المذهبة ويكون علفها من المخزن، وأمره أن لا ينزل عن دابته إذا أتى دار السلطان إلا في موضع خاص لا يدخله أحد راكبا سوى السلطان وأمر الناس جميعا من كبير وصغير أن يخدموا له كما يخدمون للسلطان! وإذا دخل على السلطان ينزل له عن سريره، وإن كان على الكرسي قام قائما وخدم كل واحد منهما لصاحبه، ويجلس مع السلطان على بساط واحد، وإذا قام قام السلطان لقيامه وخدم كل واحد منهما، وإذا انصرف إلى خارج المجلس جعل له بساط يقعد عليه ما شاء، ثم ينصرف، يفعل هذا مرتين في اليوم.
[حكاية من تعظيمه إياه]
وفي أثناء مقامه بدهلى قدم الوزير من بلاد بنجالة فأمر السلطان كبار الأمراء أن يخرجوا إلى استقباله ثم خرج بنفسه إلى استقباله وعظمه تعظيما كثيرا وصنعت القباب بالمدينة كما تصنع للسلطان إذا قدم وخرج ابن الخليفة للقائه أيضا والفقهاء والقضاة والأعيان، فلما عاد السلطان لقصره قال للوزير: امض إلى دار المخدوم زاده، وبذلك يدعوه، ومعنى ذلك ابن المخدوم، فسار الوزير إليه، وأهدى له ألفي تنكة من الذهب وأثوابا كثيرة وحضر الأمير قبولة وغيره من كبار الأمراء وحضرت أنا لذلك.
[حكاية نحوها [عن لطف السلطان وكرمه]]
وفد على السلطان ملك غزنة المسمّى ببهرام «٥٦» وكان بينه وبين ابن الخليفة عداوة