للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للرعي رعينا الدواب به، ولم نزل كذلك حتى ضاع في الصحراء رجل يعرف بابن زيري فلم أتقدم بعد ذلك ولا تأخرت، وكان ابن زيري وقعت بينه وبين ابن خاله، ويعرف بابن عدي، منازعة ومشاتمة فتأخّر عن الرفقة فضلّ، فلما نزل الناس لم يظهر له خبر، فأشرت على ابن خاله بان يكتري من مسّوفة من يقصّ أثره لعله يجده، فأبى. وانتدب في اليوم الثاني رجل من مسوفة دون أجرة لطلبه فوجد أثره وهو يسلك الجادة طورا ويخرج عنها تارة، ولم يقع له على خبر، ولقد لقينا قافلة في طريقنا فأخبرونا أن بعض رجال انقطعوا عنهم فوجدنا أحدهم ميتا تحت شجيرة من أشجار الرّمل، وعليه ثيابه وفي يده سوط، وكان الماء على نحو ميل منه.

ثم «١٥» وصلنا إلى تاسرهلا «١٦» ، بفتح التاء المثناة والسين المهمل والراء وسكون الهاء، وهي أحساء ماء تنزل القوافل عليها، ويقيمون ثلاثة أيام فيستريحون ويصلحون أسقيتهم ويملؤونها بالماء ويخيطون عليها التلاليس «١٧» خوف الرّيح، ومن هناك يبعث التّكشيف «١٨» .

[ذكر التكشيف]

والتكشيف: اسم لكل رجل من مسوفة يكتريه أهل القافلة فيتقدم إلى إيوالّاتن بكتب الناس إلى أصحابهم بها ليكتروا لهم الدور ويخرجون للقائهم بالماء مسيرة أربع، ومن لم يكن له صاحب بايوالّاتن كتب إلى من شهر بالفضل من التجار بها فيشاركه في ذلك، وربما هلك التّكشيف في هذه الصحراء، فلا يعلم أهل إيوالّاتن بالقافلة، فيهلك أهلها أو الكثير منهم.

وتلك الصحراء كثيرة الشياطين «١٩» ، فإن كان التكشيف منفردا لعبت به واستهوته حتى يضلّ عن قصده فيهلك إذ لا طريق يظهر بها ولا أثر، إنما هي رمال تنسفها الريح فترى جبالا من الرمل في مكان ثم تراها قد انتقلت إلى سواه، والدليل هنالك من كثر تردّده،

<<  <  ج: ص:  >  >>