الأمير برسم الحج، وذلك في سنة ثنتين وثلاثين، فوصلت إلى مكّة شرّفها الله تعالى، وحجّ في تلك السنة الملك الناصر سلطان مصر رحمه الله وجملة من امرائه، وهي آخر حجّة حجّها، وأجزل الإحسان لأهل الحرمين الشريفين وللمجاورين وفيها قتل الملك الناصر أمير احمد الذي يذكر أنّه ولده وقتل أيضا كبير أمرائه بكتمور الساقي «١٥٠» .
[حكاية [مقتل أمير أحمد]]
ذكر أن الملك الناصر وهب لبكتمور الساقي جارية، فلمّا أراد الدنوّ منها قالت له: إنّي حامل من الملك الناصر، فاعتزلها، وولدت ولدا سمّاه بأمير احمد ونشأ في حجره، فظهرت نجابته واشتهر بابن الملك الناصر، فلمّا كان في هذه الحجّة تعاهدا على الفتك بالملك الناصر، وأن يتولى أمير أحمد الملك وحمل بكتمور معه العلامات والطبول والكسوات والأموال فنمى الخبر إلى الملك الناصر فبعث عن أمير أحمد في يوم شديد الحرّ فدخل عليه وبين يديه أقداح الشرب فشرب الملك الناصر قدحا وناول أمير احمد قدحا ثانيا فيه السمّ فشربه، وأمر بالرّحيل في تلك الساعة ليشغل الوقت، فرحل النّاس ولم يبلغوا المنزل حتى مات أمير أحمد فاكترث بكتمور لموته وقطع أثوابه وامتنع من الطعام والشراب، وبلغ خبره إلى الملك الناصر فأتاه بنفسه ولا طفه وسلّاه وأخذ قدحا فيه سمّ فناوله إيّاه وقال له: بحياتي عليك ألا شربت فبردّت نار قلبك! فشربه ومات من حينه، ووجد عنده خلع السلطنة والأموال فتحقّق ما نسب اليه من الفتك بالملك الناصر.