بعثوا اليك بهذا السرج لتبيح لهم الجواز فأنكر الأمير أن يعطى التجار مثل ذلك السرج وأمر بالقبض على الرجلين، ففرّ أحدهما ولحق بشرف الملك واصحابه وهم نيام لما لحقهم من الإعياء ومواصلة السهر، فاخبرهم الخبر فركبوا مذعورين وفرّوا.
وأمر جلال الدّين بضرب الرجل الذي قبض عليه، فاعترف بقضيّة شرف الملك، فأمر جلال الدين نائبه فركب في العسكر وقصدوا نحوهم فوجدوهم قد ركبوا فاقتفوا أثرهم فأدركوهم فرموا العسكر بالنّشاب، ورمى طاهر بن شرف الملك نائب الأمير جلال الدين بسهم فأثبته في ذراعه وغلب عليهم فأتى بهم إلى جلال الدين فقيّدهم وغلّ أيديهم وكتب إلى الوزير في شأنهم فأمره الوزير أن يبعثهم إلى الحضرة فبعثهم إليها، وسجنوا بها فمات طاهر في السجن، وامر السلطان أن يضرب شرف الملك مائة مقرعة في كلّ يوم فبقى على ذلك مدّة، ثمّ عفا عنه وبعثه مع الأمير نظام الدين أمير نجلة إلى بلاد جنديري «٥٥» ، فانتهت حاله إلى أن كان يركب البقر، ولم يكن له فرس يركبه! وأقام على ذلك مدّة، ثمّ وفد ذلك الأمير على السلطان وهو معه فجعله السلطان شاشنكير وهو الذي يقطّع اللحم بين يدي السلطان ويمشي مع الطعام، ثمّ إنّه بعد ذلك نوّه به ورفع مقداره وانتهت حاله إلى أن مرض فزاره السلطان وأمر بوزنه بالذهب واعطاه ذلك، وقد قدّمنا هذه الحكاية في السفر الأوّل «٥٦» ، وبعد ذلك زوّجه بأخته وأعطاه بلاد جنديرى التي كان يركب بها البقر في خدمة الأمير نظام الدّين، فسبحان مقلّب القلوب ومحيّل الأحوال.
ذكر خلاف شاه أفغان «٥٧» بأرض السند
وكان شاه أفغان خالف على السلطان بأرض ملتان من بلاد السند وقتل الأمير بها، وكان يسمّى به زاد، وادّعى السلطنة لنفسه وتجهّز السلطان لقتاله فعلم انّه لا يقاومه فهرب ولحق بقومه الأفغان، وهم ساكنون بجبال منيعة لا يقدر عليها، فاغتاظ السلطان ممّا فعله وكتب إلى عمّاله أن يقبضوا على من وجدوه من الأفغان ببلاده فكان ذلك سببا لخلاف القاضي جلال.