الوزراء والأمراء الكبار وأخرج من البقشة ثلاث فوط إحداها من خالص الحرير والأخرى حرير وقطن والأخرى حرير وكتان، وأخرج ثلاثة أثواب يسمّونها التّحتانيات من جنس الفوط، وأخرج ثلاثة من الثياب مختلفة الاجناس تسمى الوسطانيات، وأخرج ثلاثة أثواب من الآرمك أحدها أبيض، وأخرج ثلاث عمائم فلبست فوطة منها عوض السراويل على عادتهم، وثوبا من كل جنس، وأخذ أصحابي ما بقى منها.
ثم جاءوا بالطعام أكثره الأرز، ثم أتو بنوع من الفقاع، ثم أتوا بالتنبول وهو علامة الانصراف، فأخذناه وقمنا، وقام النائب لقيامنا، وخرجنا عن المشور فركبنا وركب النائب معنا وأتوا بنا إلى بستان عليه حائط خشب وفي وسطه دار بناؤها بالخشب، مفروشة بقطائف قطن يسمّونها المخملات، «١١» بالميم والخاء المعجم، ومنها مصبوغ وغير مصبوغ، وفي البيت أسرّة من الخيزران، فوقها مضرّبات من الحرير، ولحف خفاف ومخاد يسمونها البوالشت، فجلسنا بالدار ومعنا النائب، ثم جاء الأمير دولسة بجاريتين وخادمين، وقال لي: يقول لك السلطان: هذه على قدرنا لا على قدر السلطان محمد «١٢» ! ثم خرج النائب وبقى الأمير دولسة عندي وكانت بيني وبينه معرفة لأنه كان ورد رسولا على السلطان بدهلي، فقلت له: متى تكون رؤية السلطان؟ فقال لي: إن العادة عندنا أن لا يسلم القادم على السلطان إلا بعد ثلاث ليذهب عنه تعب السفر، ويثوب اليه ذهنه، فأقمنا ثلاثة أيام يأتي إلينا الطعام ثلاث مرات في اليوم وتأتينا الفواكه والطرف مساء وصباحا، فلما كان اليوم الرابع وهو يوم الجمعة أتاني الأمير دولسة، فقال لي: يكون سلامك على السلطان بمقصورة الجامع بعد الصّلاة فأتيت المسجد، وصليت به الجمعة مع حاجبه قيران، بفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف وفتح الراء.
ثم دخلت إلى السلطان فوجدت القاضي أمير سيّد والطلبة عن يمينه وشماله، فصافحني وسلّمت عليه، وأجلسني عن يساره، وسألني عن السلطان محمد، وعن أسفاري فأجبته، وعاد إلى المذاكرة في الفقه على مذهب الشافعي، ولم يزل كذلك إلى صلاة العصر، فلما صلاها دخل بيتا هنالك فنزع الثياب التي كانت عليه، وهي ثياب الفقهاء وبها يأتي المسجد يوم الجمعة ماشيا ثم لبس ثياب الملك وهي الأقبية من الحرير والقطن.
[ذكر انصرافه إلى داره وترتيب السلام عليه]
ولما خرج من المسجد وجد الفيلة والخيل على بابه، والعادة عندهم أنه إذا ركب