آذان الخيل، وبعضها يشبه أوراق العلّيق، ويثمر عناقيد صغارا حبّها كحبّ أبي قنينة «٩٥» إذا كانت خضرا، وإذا كان أوان الخريف قطفوه وفرشوه على الحصر في الشمس، كما يصنع بالعنب عند تزبيبه ولا يزالون يقلّبونه حتى يستحكم يبسه ويسودّ ثم يبيعونه من التجار، والعامة ببلادنا يزعمون أنهم يقلونه بالنار! وبسبب ذلك يحدث فيه التكريش، وليس كذلك، وإنما يحدث ذلك بالشمس، ولقد رأيته بمدينة قالقوط يصبّ للكيل كالذّرة ببلادنا.
وأول مدينة دخلناها من بلاد المليبار مدينة أبي سرور «٩٦» ، بفتح السين، وهي صغيرة على خور كبير كثيرة أشجار النّارجيل، وكبير المسلمين بها الشيخ جمعة المعروف بأبي ستة أحد الكرماء، أنفق أمواله على الفقراء والمساكين حتى نفدت.
وبعد يومين منها وصلنا إلى مدينة فاكنور «٩٧» ، وضبط اسمها بفتح الفاء والكاف والنون وآخره راء، مدينة كبيرة على خور، بها قصب السكّر الكثير الطيب الذي لا مثل له بتلك البلاد، وبها جماعة من المسلمين يسمّى كبيرهم بحسين السلاط، وبها قاض وخطيب، وعمّر بها حسين المذكور مسجدا لاقامة الجمعة.
[ذكر سلطانها]
وسلطان فاكنور كافر اسمه باسدو «٩٨» ، بفتح الباء الموحدة والسين المهمل والدال المهمل وسكون الواو، وله نحو ثلاثين مركبا حربية، قائدها مسلم يسمى لولا، وكان من المفسدين يقطع بالبحر ويسلب التجار، ولما أرسينا على فاكنور بعث سلطانها إلينا ولده فأقام بالمركب كالرهينة، ونزلنا إليه فأضافنا ثلاثا بأحسن ضيافة تعظيما لسلطان الهند وقياما بحقه ورغبة فيما يستفيده في التجارة مع أهل مراكبنا.
ومن عادتهم هنالك أن كل مركب يمر ببلد فلا بد من إرسائه بها وإعطائه هدية لصاحب البلد يسمونها حق البندر، ومن لم يفعل ذلك خرجوا في اتباعه بمراكبهم وأدخلوه المرسى قهرا وضاعفوا عليه المغرم، ومنعوه عن السفر ما شاءوا.