ولما كان بالغد بعثت العروس إلى جميع أصحاب زوجها الثياب والدنانير والدراهم، وأعطى السلطان لكل واحد منهم فرسا مسرجا ملجما وبدرة دراهم من ألف دينار إلى مائتي دينار، وأعطى الملك فتح الله للخواتين ثياب الحرير المنوعة والبدر، وكذلك لأهل الطرب، وعادتهم ببلاد الهند أن لا يعطي أحد شيئا لأهل الطرب، إنما يعطيهم صاحب العرس، وأطعم الناس جميعا ذلك اليوم، وانقضى العرس، وأمر السلطان أن يعطي الأمير غذا بلاد المالوة والجزرات وكنباية ونهروالة «٦٩» ، وجعل فتح الله المذكور نائبا عنه عليها، وعظّمه تعظيما شديدا، وكان عربيا جافيا، فلم يقدّر ذلك وغلب عليه جفاء البادية فأداه ذلك إلى النكبة بعد عشرين ليلة من زفافه!!
[ذكر سجن الأمير غدا]
ولما كان بعد عشرين يوما من زفافه اتفق أنه وصل إلى دار السلطان فأراد الدخول فمنعه أمير البرد داريّه «٧٠» ، وهم الخواص من البوابين، فلم يسمع منه وأراد التقحّم فامسك البواب بدبّوقته، وهي الضّفيرة، ورده، فضربه الأمير بعصى كانت هنالك حتى أدماه! وكان هذا المضروب من كبار الأمراء يعرف أبوه بقاضي غزنة، وهو من ذرية السلطان محمود بن سبكتكين، والسلطان يخاطبه بالأب ويخاطب ابنه هذا بالأخ، فدخل على السلطان والدم على ثيابه، فأخبره بما صنع الأمير غذا ففكر السلطان هنيهة، ثم قال له: القاضي يفصل بينكما، وتلك جريمة لا يغفرها السلطان لأحد من ناسه، ولا بد من الموت عليها، وإنما احتملته لغربته!! وكان القاضي كمال الدين بالمشور، فأمر السلطان الملك تترأن «٧١» يقف معهما عند القاضي، وكان تتر حاجّا مجاورا يحسن العربية، فحضر معهما، وقال للأمير: أنت ضربته أو قل لا! قصد أن يعلّمه الحجّة، وكان سيف الدين جاهلا مغترا، فقال: نعم أنا ضربته، وأتى والد المضروب فرام الإصلاح بينهما، فلم يقبل سيف الدين، فأمر القاضي