عشرة أيام، وبين بلاد السند وحضرة السلطان مدينة دهلي مسيرة خمسين يوما، وإذا كتب المخبرون إلى السلطان من بلاد السند يصل الكتاب إليه في خمسة أيام بسبب البريد
[ذكر البريد]
والبريد ببلاد الهند صنفان: فأما بريد الخيل فيسمون الولاق «٣» بضم الواو وآخره قاف، وهو خيل تكون للسلطان في كل مسافة أربعة أميال، وأما بريد الرجّالة فيكون في مسافة الميل الواحد منه ثلاث رتب، ويسمونها الدّاوة «٤» بالدال المهمل والواو، والدّاوة هي ثلث ميل، والميل عندهم يسمى الكروه «٥» بضم الكاف والراء، وترتيب ذلك أن يكون في كلّ ثلث ميل قرية معمورة، ويكون بخارجها ثلاث قباب، يقعد فيها الرجال مستعدّين للحركة قد شدّوا أوساطهم، وعند كلّ واحد منهم مقرعة مقدار ذراعين بأعلاها جلاجل نحاس، فإذا خرج البريد من المدينة أخذ الكتاب بأعلى يده، والمقرعة ذات الجلاجل باليد الأخرى، وخرج يشتد بمنتهى جهده فإذا سمع الرجال الذين بالقباب صوت الجلاجل تأهبوا له، فإذا وصلهم أخذ أحدهم الكتاب من يده ومر بأقصى جهده وهو يحرك المقرعة حتى يصل إلى الدّاوة الأخرى ولا يزالون كذلك حتى يصل الكتاب إلى حيث يراد منه.
وهذا البريد أسرع من بريد الخيل، وربما حملوا على هذا البريد الفواكه المستطرفة بالهند، من فواكه خراسان، يجعلونها في الأطباق ويشتدون بها حتى تصل إلى السلطان، وكذلك يحملون أيضا الكبار من ذوي الجنايات، يجعلون الرجل منهم على سرير ويرفعونه فوق رؤوسهم ويسيرون به شدا، وكذلك يحملون الماء لشرب السلطان إذا كان بدولة أباد، يحملونه من نهر الكنك الذي تحجّ الهنود إليه.
وهو على مسيرة أربعين يوما منها، وإذا كتب المخبرون إلى السلطان بخبر من يصل إلى بلاده، استوعبوا الكتاب وأمعنوا في ذلك وعرّفوه أنه ورد رجل صورته كذا، ولباسه كذا، وكتبوا عدد أصحابه وغلمانه وخدامه ودوابه وترتيب حاله في حركته وسكونه، وجميع تصرفاته لا يغادرون من ذلك كلّه شيئا، فإذا وصل الوارد إلى مدينة ملتان وهي قاعدة بلاد