بسجنه تلك الليلة، فو الله ما بعثت له زوجته فراشا ينام عليه، ولا سألت عنه خوفا من السلطان، وخاف أصحابه فودعوا أموالهم! وأردت زيارته بالسجن، فلقيني بعض الأمراء وفهم عني أني أريد زيارته، فقال لي:
أو نسيت؟ وذكرني بقضية اتفقت لي في زيارة الشيخ شهاب الدين ابن شيخ الجام، وكيف أراد السلطان قتلي على ذلك حسبما يقع ذكره «٧٢» فرجعت ولم أزوره! وتخلص الأمير غذا عند الظهر من سجنه، فأظهر السلطان إهماله، وأضرب عما كان أمر له بولايته وأراد نفيه! وكان للسلطان صهر يسمى بمغيث ابن ملك الملوك (٧٢) ، وكانت أخت السلطان تشكوه لأخيها إلى أن ماتت، فذكر جواريها أنها ماتت بسبب قهره لها، وكان في نسبه مغمز، فكتب السلطان بخطه: يجلى اللقيط، يعنيه، ثم كتب: ويجلى موش خوار، معناه: آكل الفئران! يعني بذلك الأمير غذا، لأن عرب البادية يأكلون اليربوع وهو شبه الفأر «٧٣» ! وأمر بإخراجهما، فجاءه النقباء ليخرجوه، فأراد دخول داره ووداع أهله، فترادف النقباء في طلبه، فخرج باكيا! وتوجهت حين ذلك إلى دار السلطان فبتّ بها فسألني عن مبيتي بعض الأمراء، فقلت له جئت لأتكلم في الأمير سيف الدين حتى يرد ولا ينفي، فقال: لا يكون ذلك، فقلت له: والله لأبيتنّ بدار السلطان ولو بلغ مبيتي مائة ليلة حتى يردّ، فبلغ ذلك السلطان فأمر برده وأمره أن يكون في خدمة الأمير ملك قبولة اللّاهوريّ، فأقام أربعة أعوام في خدمته يركب لركوبه ويسافر لسفره حتى تأدّب وتهذب! ثم أعاده السلطان إلى ما كان عليه أولا وأقطعه البلاد وقدمه على العساكر ورفع قدره.
[ذكر تزويج السلطان بنتي وزيره لابني خذاوند زاده، قوام الدين الذي قدم معنا عليه.]
ولما قدم خذاوند زاده أعطاه السلطان عطاءا جزلا وأحسن إليه إحسانا عظيما وبالغ في إكرامه «٧٤» ثم زوج ولديه من بنتي الوزير خواجة جهان، وكان الوزير اذ ذاك غائبا فأتى