قديمة فأمر السلطان بإنزاله ببعض دور مدينة سيري التي لابن الخليفة، وأمر أن تبنى له بها دار، فبلغ ذلك ابن الخليفة فغضب منه ومضى إلى دار السلطان فجلس على البساط الذي عادته الجلوس عليه، وبعث عن الوزير فقال له: سلم على خوند عالم، وقل له إن جميع ما أعطانيه هو بمنزلي لم أتصرف في شيء منه بل زاد عندي ونما وأنا أقيم معكم، وقام وانصرف! فسأل الوزير بعض أصحابه عن سبب هذا، فاعلمه أن سببه أمر السلطان ببناء الدار لملك غزنة في مدينة سيري، فدخل الوزير على السلطان فأعلمه بذلك فركب من حينه في عشرة من ناسه وأتى منزل ابن الخليفة فاستأذن عليه ونزل عن فرسه خارج القصر حيث ينزل الناس فتلقاه واعتذر له، فقبل عذره. وقال له السلطان: والله ما أعلم أنك راض عني حتى تضع قدمك على عنقي! فقال له: هذا ما لا أفعله ولو قتلت، فقال له السلطان وحق رأسي لا بد لك من ذلك! ثم وضع رأسه في الأرض وأخذ الملك الكبير قبولة رجل ابن الخليفة بيده فوضعها على عنق السلطان ثم قام وقال: الآن علمت أنك راض عني وطاب قلبي! وهذه حكاية غريبة لم يسمع بمثلها عن ملك، ولقد حضرته يوم عيد وقد جاءه الملك الكبير بثلاث خلع من عند السلطان مفرّجة، قد جعل مكان عقد الحرير التي تغلق بها حبات جوهر في قدر البندق الكبير، وأقام الملك الكبير ببابه حتى نزل من قصره، فكساه إياها والذي أعطاه هو مالا يحصره العد ولا يحيط به الحد، وابن الخليفة مع ذلك كلّه أبخل خلق الله تعالى! وله في البخل أخبار عجيبة يعجب منها سامعها وكأنه كان من البخل بمنزلة السلطان من الكرم ولنذكر بعض أخباره في ذلك.
[حكايات من بخل ابن الخليفة]
وكانت بيني وبينه مودة، وكنت كثير التردد إلى منزله، وعنده تركت ولدا لي سميته أحمد لما سافرت، ولا أدري ما فعل الله به «٥٧» ، فقلت له يوما: لم تأكل وحدك ولا تجمع أصحابك على الطعام؟ فقال لي: لا أستطيع أن أنظر إليهم على كثرتهم وهم ياكلون طعامي! فكان يأكل وحده ويعطي صاحبه محمد بن أبي الشرفي من الطعام لمن أحب ويتصرف في باقيه!!