وأقمت بهذه المدينة مع علاء الملك خمسة أيام ثم أحسن في الزاد وانصرفت عنه إلى مدينة بكار «٢٣» ، بفتح الباء الموحدة، وهي مدينة حسنة يشقها خليج من نهر السند، وفي وسط ذلك الخليج زاوية حسنة فيها الطعام للوارد والصادر عمّرها كشلوخان أيام ولايته على بلاد السند، وسيقع ذكره.
ولقيت بهذه المدينة الفقيه الإمام صدر الدين الحنفي، ولقيت بها قاضيها المسمى بأبي حنيفة، ولقيت بها الشيخ العابد الزاهد شمس الدين محمد الشيرازي وهو من المعمّرين: ذكر لي أن سنه يزيد على مائة وعشرين عاما.
ثم سافرت من مدينة بكار فوصلت إلى مدينة أوجه «٢٤» ، وضبط اسمها بضم الهمزة وفتح الجيم، وهي مدينة كبيرة على نهر السند، لها أسواق حسنة وعمارة جيدة، وكان الأمير بها إذ ذاك الملك الفاضل الشريف جلال الدين الكيجي أحد الشجعان الكرماء، وبهذه المدينة توفي بعد سقطة سقطها عن فرسه.
[مكرمة لهذا الملك]
ونشأت بيني وبين هذا الملك الشريف جلال الدين مودة، وتأكدت بيننا الصحبة والمحبة، واجتمعنا بحضرة دهلي، فلما سافر السلطان إلى دولة أباد، كما سنذكره، وأمرني بالإقامة بالحضرة، قال لي جلال الدين، إنك تحتاج إلى نفقة كبيرة، والسلطان تطول غيبته فخذ قريتي واستغلها حتى أعود، ففعلت ذلك واستغللت منها نحو خمسة آلاف دينار جزاه الله أحسن جزائه.
ولقيت بمدينة أوجه الشيخ العابد الزاهد الشريف قطب الدين حيدر العلوي «٢٥» ، وألبسني الخرقة، وهو من كبار الصالحين ولم يزل الثوب الذي ألبسنيه معي إلى أن سلبني كفار الهنود في البحر «٢٦» .