ولعبد الله المذكور ابن عمّ اسمه حسن، وهو من سكان وادي نخلة «١٨٤» وكان إذ ذاك بمكة، فأعلمته بما جرى على ابن عمه، وقصدت الشيخ الصالح الامام أبا عبد الله محمد بن عبد الرحمن المعروف بخليل إمام المالكية نفع الله به فاعلمته بخبره فبعث جماعة من أهل مكة عارفين بتلك الجبال والشعاب في طلبه.
وكان من أمر عبد الله التوزري أنه لما فارقه رفيقه لجأ إلى حجر كبير فاستظل بظلّه، وأقام على هذه الحالة من الجهد والعطش، والغربان تطير فوق رأسه وتنتظر موته، فلما انصرم النهار وأتى الليل وجد في نفسه قوة، ونعشه برد الليل، فقام عند الصباح على قدميه ونزل من الجبل إلى بطن واد حجبت الجبال عنه الشمس، فلم يزل ماشيا إلى أن بدت له دابة فقصدها فوجد خيمة للعرب، فلما رآها وقع إلى الارض ولم يستطع النهوض فرأته صاحبة الخيمة وكان زوجها قد ذهب إلى ورد الماء فسقته ما كان عندها من الماء فلم يرو وجاء زوجها فسقاه قربة ماء فلم يرو وأركبه حمارا له وقدم به مكة فوصلها عند صلاة العصر من اليوم الثاني متغيّرا كأنه قام من قبر!
[ذكر أميري مكة]
وكانت إمارة مكة في عهد دخولي إليها للشريفين الأجلين الأخوين: أسد الدين رميثة وسيف الدين عطيفة أبنى الامير أبي نمى بن أبي سعد بن علي بن قتادة «١٨٥» الحسنيّين ورميثة أكبرهما سنا، ولكنه كان يقدّم اسم عطيفة في الدعاء له بمكة لعدله، ولرميثه من الأولاد أحمد وعجلان، وهو أمير مكة في هذا العهد وثقبة وسند، ومغامس «١٨٦» ولعطيفة من الاولاد محمد ومبارك ومسعود، ودار عطيفة عن يمين المروة، ودار أخيه رميثة برباط الشرابي عند باب بني شيبة، وتضرب الطبول على باب كل واحد منهما عند صلاة المغرب من كل يوم.