والجواري رخيصات الأثمان إلا أن أهل الصين أجمعين يبيعون أولادهم وبناتهم وليس ذلك عيبا عندهم، غير أنهم لا يجبرون على السفر مع مشتريهم ولا يمنعون أيضا منه إن اختاروه، وكذلك إن أراد التزوّج تزوّج، وأما إنفاق ماله في الفساد فشيء لا سبيل له إليه! ويقولون: لا نريد أن يسمع في بلاد المسلمين أنهم يخسرون أموالهم في بلادنا فانّها أرض فساد وحسن فائت!!
[ذكر حفظهم للمسافرين في الطرق]
وبلاد الصين آمن البلاد وأحسنها حالا للمسافر، فإن الانسان يسافر منفردا مسيرة تسعة اشهر وتكون معه الأموال الطائلة فلا يخاف عليها، وترتيب ذلك أن لهم في كل منزل ببلادهم فندقا عليه حاكم يسكن به في جماعة من الفرسان والرجال، فإذا كان بعد المغرب أو العشاء الآخرة جاء الحاكم إلى الفندق ومعه كاتبه فكتب أسماء جميع من يبيت به من المسلمين وختم عليها، وأقفل باب الفندق عليهم فإذا كان بعد الصبح، جاء ومعه كاتبه فدعا كل انسان باسمه، وكتب بها تفسيرا، وبعث معهم من يوصّلهم إلى المنزل الثاني له وياتيه ببراءة من حاكمه أن الجميع قد وصلوا إليه، وإن لم يفعل طلبه بهم، وهكذا العمل في كل منزل ببلادهم من صين الصين إلى خان بالق.
وفي هذه الفنادق جميع ما يحتاج إليه المسافر من الأزواد وخصوصا الدجاج والإوز، وأما الغنم فهي قليلة عندهم.
ولنعد إلى ذكر سفرنا فنقول: لما قطعنا البحر كانت أول مدينة وصلنا اليها مدينة الزّيتون «٥٢» ، وهذه المدينة ليس بها زيتون ولا بجميع بلاد أهل الصين والهند، ولكنه اسم وضع عليها، وهي مدينة عظيمة كبيرة تصنع بها ثياب الكمخا، والأطلس «٥٣» ، وتعرف بالنسبة إليها، وتفضل على الثياب الخنساوية والخنبالقية، ومرساها من أعظم مراسي الدنيا