الجبل عند طلوع الشمس قد ارتفع في الهواء وظهر الضوء فيما بينه وبين البحر فعجبنا من ذلك، ورأيت البحرية يبكون، ويودع بعضهم بعضا. فقلت: ما شأنكم؟ فقالوا: إن الذي تخيلناه جبلا هو الرّخ، وان رءآنا أهلكنا، وبيننا إذ ذاك وبينه أقل من عشرة أميال، ثم إن الله تعالى منّ علينا بريح طيبة صرفتنا عن صوبه فلم نره ولا عرفنا حقيقة صورته «١٠٢» . وبعد شهرين من ذلك اليوم، وصلنا إلى الجاوة، ونزلنا إلى سمطرة فوجدنا سلطانها الملك الظاهر قد قدم من غزاة له وجاء بسبّي كثير فبعث لي جاريتين وغلامين، وأنزلني على العادة وحضرت إعراس ولده مع بنت أخيه «١٠٣» .
[ذكر أعراس ولد الملك الظاهر]
وشاهدت يوم الجلوة، فرأيتهم قد نصبوا في وسط المشور منبرا كبيرا وكسوة بثياب الحرير، وجاءت العروس من داخل القصر على قدميها بادية الوجه ومعها نحو أربعين من الخواتين يرفعن أذيالها من نساء السلطان وأمرائه ووزرائه وكلّهن باديات الوجوه ينظر اليهن كلّ من حضر من رفيع أو وضيع. وليست تلك بعادة لهن إلا في الأعراس خاصة.
وصعدت العروس المنبر وبين يديها أهل الطرب رجالا ونساء يلعبون ويغنون، ثم جاء الزوج على فيل مزين، على ظهره سرير وفوقه قبة شبيه البوجة «١٠٤» ، والتاج على رأس العروس المذكور، عن يمينه ويساره نحو مائة من أبناء الملوك والامراء قد لبسوا البياض وركبوا الخيل المزيّنة، وعلى رؤوسهم الشواشي المرصّعة وهم أتراب العروس ليس فيهم ذو لحية ونثرت الدنانير والدراهم على الناس عند دخوله.
وقعد السلطان بمنظرة له يشاهد ذلك ونزل ابنه فقبّل رجله وصعد المنبر إلى العروس فقامت إليه وقبّلت يده «١٠٥» ، وجلس إلى جانبها والخواتين يروّحن عليها، وجاءوا بالفوفل