مسيرة سبعة عشر في عرض عشرة، وهي شاهقة متّصل بعضها ببعض تشقّها الانهار، وشجرها البلّوط، وهم يصنعون من دقيقه الخبز وفي كلّ منزل من منازلها زاوية يسمونها المدرسة، فإذا وصل المسافر إلى مدرسة منها أوتى بما يكفيه من الطعام والعلف لدابّته سواء طلب ذلك أو لم يطلبه، فإن عادتهم أن يأتي خادم المدرسة فيعدّ من نزل بها من الناس ويعطي كلّ واحد منهم قرصين من الخبز ولحما وحلواء، وكل ذلك من اوقاف السلطان عليها، وكان السلطان أتابك أحمد زاهدا صالحا كما ذكرناه، يلبس تحت ثيابه ممّا يلي جسده ثوب شعر.
[حكاية [عادة أهل ايذج في مأتم أمرائهم]]
قدم السلطان اتابك أحمد مرّة على ملك العراق أبي سعيد، فقال له بعض خواصّه إن أتابك يدخل عليك وعليه الدّرع، وظنّ ثوب الشّعر الذي تحت ثيابه درعا، فأمرهم باختبار ذلك على جهة من الانبساط ليعرف حقيقته، فدخل عليه يوما فقام إليه الأمير الجوبان «٨٤» عظيم امراء العراق، والأمير سويته «٨٥» أمير ديار بكر، والشيخ حسن الذي هو الآن سلطان العراق «٨٦» وأمسكوا بثيابه كأنهم يمازحونه ويضاحكونه، فوجدوا تحت ثيابه ثوب الشعر، وراءه السلطان أبو سعيد، وقام إليه وعانقه وأجلسه إلى جانبه وقال له: سن اطا، ومعناه بالتركية: أنت أبي، وعوّضه عن هديّته بأضعافها وكتب له اليرليغ، وهو الظّهير ألّا يطالبه بهديّة بعدها هو ولا أولاده.