لمّا حضرنا ليلة عاشوراء بزاوية شمس الدين وعظ بها مجد الدين من آخر الليل فصاح أحد الفقراء صيحة غشى عليه منها، فصبّوا عليه ماء الورد فلم يفق، فأعادوا عليه ذلك فلم يفق واختلف الناس فيه، فمن قائل: إنّه ميّت، ومن قائل: إنّه مغشي عليه، وأتم الواعظ كلامه وقرأ القراء وصلّينا الصبح وطلعت الشمس، فأختبروا حال الرجل فوجدوه فارق الدنيا، رحمه الله، فاشتغلوا بغسله وتكفينه، وكنت فيمن حضر الصلاة عليه ودفنه.
وكان هذا الفقير يسمى الصيّاح وذكروا إنه كان يتعبّد بغار هنالك في جبل فمتى علم أن الواعظ مجد الدين يعظ قصده وحضر وعظه، ولم يأكل طعام أحد فإذا وعظ مجد الدين يصيح ويغشى عليه، ثم يفيق فيتوضأ ويصلّي ركعتين، ثم إذا سمع الواعظ صاح، يفعل ذلك مرارا في الليلة ويسمّى الصيّاح لأجل ذلك وكان أعذر اليد والرجل، لا قدرة له على الخدمة، وكانت له والدة تقوته من غزلها فلمّا توفيّت اقتات بنبات الأرض.
ولقيت بهذه المدينة الشيخ الصالح عبد الله المصريّ السايح وهو من الصالحين، جال الأرض إلّا أنّه لم يدخل الصين ولا جزيرة سرنديب ولا المغرب ولا الأندلس ولا بلاد السودان، وقد زدّت عليه بدخول هذه الأقاليم!
[ذكر سلطان برصى [الملك الثاني في الامبراطورية العثمانية]]
وسلطانها اختيار الدين أرخان بك، وأرخان بضمّ الهمزة وخاء معجم، ابن السلطان عثمان جوق، وجوق بجيم معقود مضموم وآخره قاف، وتفسيره بالتركية الصغير «١١٥» ، وهذا السلطان، أكبر ملوك التركمان، وأكثرهم مالا وبلادا وعسكرا، له من الحصون ما يقارب مائة حصن، وهو في أكثر أوقاته لا يزال يطوف عليها ويقيم بكلّ حصن منها أيّاما لإصلاح شؤونه وتفقّد حاله، ويقال: إنه لم يقم قطّ شهرا كاملا ببلد، ويقاتل الكفار ويحاصرهم، ووالده