وفي هذه السنة ذكر اسم السلطان أبي سعيد ملك العراق على المنبر وقبّة زمزم.
[ذكر الانفصال عن مكة شرفها الله تعالى]
وفي الموفى عشرين لذى الحجة «٢٣٦» خرجت عن مكة صحبة أمير ركب العراق البهلوان «٢٣٧» محمد الحويح بحاءين مهملين، وهو من أهل الموصل، وكان يلي إمارة الحاج بعد موت الشيخ شهاب الدين قلندر، وكان شهاب الدين سخيا فاضلا عظيم الحرمة عند سلطانه يحلق لحيته وحاجبيه على طريقة القلندرية، ولما خرجت من مكة، شرّفها الله تعالى، في صحبة الأمير البهلوان المذكور اكترى لي شقّة محارة «٢٣٨» إلى بغداد، ودفع إجارتها من ماله، وأنزلني في جواره.
وخرجنا بعد طواف الوداع إلى بطن مرّ في جمع من العراقيين والخراسانيين والفارسيين والأعاجم لا يحصى عديدهم، تموج بهم الأرض موجا ويسيرون سير السحاب المتراكم، فمن خرج عن الركب لحاجة، ولم تكن له علامة يستدل بها على موضعه، ضلّ عنه لكثرة الناس.
وفي هذا الركب نواضح كثيرة لأبناء السبيل يستقون منها الماء وجمال لرفع الزاد للصدقة ورفع الأدوية والأشربة والسكر لمن يصيبه المرض، وإذا نزل الركب طبخ الطعام في قدور نحاس عظيمة تسمى الدّسوت، وأطعم منها أبناء السبيل ومن لا زاد معه.
وفي الركب جملة من الجمال يحمل عليها من لا قدرة له على المشي، كل ذلك من صدقات السلطان أبي سعيد ومكارمه «٢٣٩» .