وفي بعض تلك الجزائر رأيت امرأة لها ثدي واحد في صدرها، ولها بنتان: إحداهما كمثلها ذات ثدي واحد والأخرى ذات ثديين إلا أن أحدهما كبير فيه اللبن والآخر صغير لا لبن فيه، فعجبت من شأنهن! ووصلنا إلى جزيرة من تلك الجزائر صغيرة ليس بها إلا دار واحدة فيها رجل جائك له زوجة وأولاد ونخيلات نارجيل، وقارب صغير يصطاد فيه السمك، ويسير به إلى حيث أراد من الجزائر، وفي جزيرته أيضا شجيرات موز. ولم نر فيها من طيور البر غير غرابين خرجا إلينا لما وصلنا الجزيرة وطافا بمركبنا فغبطت- والله- ذلك الرجل ووددت أنّ لو كانت تلك الجزيرة لي فانقطعت فيها إلى أن ياتيني اليقين! ثم وصلت إلى جزيرة ملّوك حيث المركب الذي للناخوذة إبراهيم وهو الذي عزمت على السفر فيه إلى المعبر فجاء اليّ ومعه أصحابه وأضافوني ضيافة حسنة، وكان الوزير قد كتب لي أن أعطى بهذه الجزيرة مائة وعشرين بستورا «٢٣٧» من الكودة وهي الودع، وعشرين قدحا من الأطوان وهو عسل النارجيل وعددا معلوما من التنبول والفوفل والسمك في كلّ يوم.
وأقمت بهذه الجزيرة سبعين يوما وتزوجت بها امرأتين، وهي من أحسن الجزائر، خضرة نضرة، رأيت من عجائبها أن الغصن يقتطع من شجرها ويركز في الأرض أو الحائط فيورق ويصير شجرة، ورأيت الرمان بها لا ينقطع، له ثمر بطول السنة.
وخاف أهل هذه الجزيرة من الناخودة إبراهيم أن ينهبهم عند سفره فأرادوا امساك ما في مركبه من السلاح حتى يوم سفره، فوقعت المشاجرة بسبب ذلك وعدنا إلى المهل ولم ندخلها، وكتبت إلى الوزير معلما بذلك، فكتب أن لا سبيل لأخذ السلاح، وعدنا إلى ملوك وسافرنا منها في نصف ربيع الثاني عام خمسة وأربعين «٢٣٨» وفي شعبان من هذه السنة «٢٣٩» توفي الوزير جمال الدين رحمه الله، وكانت السلطانة حاملا منه فولدت أثر وفاته، وتزوجها الوزير عبد الله.
وسافرنا، ولم يكن معنا رايس عارف، ومسافة ما بين الجزائر والمعبر ثلاثة أيام، فسرنا نحن تسعة أيام وفي التاسع منها خرجنا إلى جزيرة سيلان، ورأينا جبل سرنديب