ينسخ نسخا من الكتاب العزيز، ويبيعها فيقتات بثمنها «٢٠» ! وقد وقفني القاضي كمال الدين على مصحف بخطه متقن محكم الكتابة، ثم إن نائبه غياث الدين بلبن قتله وملك بعده «٢١» ، ولبلبن هذا خبر ظريف نذكره.
[ذكر السلطان غياث الدين بلبن]
وضبط اسمه بباءين موحدتين بينهما لام والجميع مفتوحات وآخره نون، ولما قتل بلبن مولاه السلطان ناصر الدين استقل بالملك بعده عشرين سنة، وقد كان قبلها نائبا له عشرين سنة أخرى، وكان من خيار السلاطين عادلا حليما٢»
فاضلا ومن مكارمه أنه بنى دارا وسمّاها دار الآمن. فمن دخلها من أهل الديون قضي دينه، ومن دخلها خائفا أمن ومن دخلها وقد قتل أحدا أرضى عنه أولياء المقتول، ومن دخلها من ذوي الجنايات أرضى أيضا من يطلبه، وبتلك الدار دفن لما مات وقد زرت قبره «٢٣» .
[حكايته الغريبة:]
يذكر أن أحد الفقراء ببخارى رأى بها بلبن هذا وكان قصيرا حقيرا ذميما، فقال له:
يا تركك! وهي لفظة تعرب عن الاحتقار، فقال له لبّيك يا خوند! فأعجبه كلامه، فقال له:
أشتر لي من هذا الرّمان، وأشار إلى رمان يباع بالسوق، فقال له: نعم، وأخرج فليسات لم يكن عنده سواها، واشترى له من ذلك الرمان، فلما أخذها الفقير، قال له: وهبناك ملك الهند، فقبّل بلبن يد نفسه وقال: قبلت ورضيت! واستقرّ ذلك في ضميره.
واتّفق أن بعث السلطان شمس الدين للمش تاجرا يشتري له المماليك بسمرقند