ولمّا استولى القحط «٣٩» على البلاد انتقل السلطان بعساكره إلى نهر الكنك الذي تحجّ اليه الهنود، على مسيرة عشر من دهلي، وأمر الناس بالبناء، وكانوا قبل ذلك صنعوا خياما من حشيش الارض، فكانت النار كثيرا ما تقع فيها وتؤذي الناس حتّى كانوا يصنعون كهوفا تحت الارض فإذا وقعت النار رموا أمتعتهم بها وسدّوا عليها بالتراب.
ووصلت أنا في تلك الأيّام لمحلّة السلطان وكانت البلاد التي بغربيّ النهر، حيث السلطان، شديدة القحط والبلاد التي بشرقيّة خصبة، وأميرها عين الملك بن ماهر «٤٠» ومنها مدينة عوض «٤١» ومدينة ظفر آباد «٤٢» ومدينة اللّكنو «٤٣» وغيرها، وكان الأمير عين الملك يحضر كلّ يوم خمسين ألف منّ، منها قمح وأرز وحمّص لعلف الدوابّ فأمر السلطان أن تحمل الفيلة ومعظم الخيل والبغال إلى الجهة الشرقيّة المخصبة لترعى هنالك، وأوصى عين الملك بحفظها.
وكان لعين الملك أربعة إخوة وهم شهر الله ونصر الله وفضل الله ولا أذكر اسم الآخر، فاتفقوا مع أخيهم عين الملك على أنّ يأخذوا فيلة السلطان ودوابّه ويبايعوا عين الملك، ويقوموا على السلطان وهرب إليهم عين الملك باللّيل وكاد الأمر يتمّ لهم «٤٤» .
ومن عادة ملك الهند انّه يجعل مع كلّ أمير كبير أو صغير مملوكا له يكون عينا عليه ويعرّفه بجميع حاله، ويجعل أيضا جواري في الدّوريكنّ عيونا على أمرائه، ونسوة يسميهنّ الكنّاسات يدخلى الدّور بدون استئذان ويخبرهنّ الجواري بما عندهنّ فيخبر الكنّاسات بذلك لملك المخبرين، فيخبر بذلك السلطان! ويذكرون أنّ بعض الامراء كان في فراشه مع زوجته